ثم إن من القواعد المهمة: أنه لا بد من السعي لإزالة الضرورة، على المضطر أن يسعى بكل قوته أن يتخلص من الضرورة، لا أن يستسلم لها، لا بد أن يتخلص، كم من الناس الآن إذا وقعوا في ضرورة يحاولون التخلص فعلاً من هذا المجال الضيق الحرج الذي وقعوا فيه، وأن المضطر إذا لم يسعَ للخروج من الضرورة فإنه يأثم، فإذا قدر -مثلاً- كما ضرب العلماء مثلاً حياً في كتبهم، ولو اطلعوا على حالنا اليوم ماذا سيقولون أيها الإخوة؟ قالوا في كتبهم: إذا جاز للمسلمين في عصر من العصور مصالحة العدو لضرورة مع توفر الشروط الشرعية فلا بد أن يسعى المسلمون للخروج من هذه الضرورة التي ألجأتهم إلى مصالحة العدو، ومعنى الشروط الشرعية: أن يتولى عقد الصلح مثلاً خليفة المسلمين الذي وكله المسلمون عليهم أو نائبه الذي وكله الخليفة، أما أن يتولى عقد الصلح مع العدو رجل ظالم تسلط على المسلمين، أو كافر أو قومي علماني، أو نصراني أو ملحد أو لاديني يتكلم باسم المسلمين ويفاوض عنهم من الذي وكله، ومن هي الأمة الإسلامية التي وكلته في شئونها؟! وأن يكون هذا الصلح هو أفضل حل للمسلمين فعلاً، وألا يؤدي إلى مفاسد أكثر بترك الصلح، وأن يكون موقتاً بوقت معين كما اشترط الفقهاء لذلك، وأكثر مدة اشترطها الفقهاء للصلح عشر سنين بناء على صلح الحديبية إذا توفرت الشروط في الصلح فعلاً، توفرت الشروط فإنه يجب على المسلمين أن يسعوا لإزالة الضعف والتقوي والشعور بأنهم في ذل، وأنه لا بد أن يعدوا العدة للجهاد حتى ينهوا هذا الظلم والهوان المفروض عليهم، ولذلك تعلم أن كثيراً مما يحدث في هذه الأيام لا علاقة له بالإسلام أصلاً، ولم يسأل عنه الإسلام ابتداء.