للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[كيف تستشير؟]

هل أستشير فرداً، أم جماعة، أم أستشير الجماعة كل شخص بمفرده؟ نحن نثق ونعلم ونوقن أن الإسلام سبق الغرب في القيادة الاستشارية، وأن خلفاءنا وعلماءنا من القديم كانوا يطبقون هذا المفهوم، وليس الغرب الآن هو الذي اكتشف هذا ودونت في كتب الإدارة الحديثة، بل هي قضية قديمة.

الاستشارة لها منازل، منها: ما يدخل فيه الرهط، ومنها: ما يستعان فيه بقوم، ومنها: ما يستغنى فيه برأي واحد، ليس هناك قاعدة معينة أنك تسأل جمع كثرة أو قلة أو واحد حسب الحالة.

بعض علمائنا ناقشوا قضية استشارة الجماعة أم استشارة الفرد؟ فبعضهم قال: الأولى أنك تجمع الناس المستشارين وتستشيرهم؛ لأن هذا فيه إجالة فكر، ومناقشة الأشياء وتنقيحها، وإذا طرح رأي يعارض من قبل الذين عندهم آراء أخرى، ويرى الجميع سلبيات وإيجابيات الرأي، وتقع مناظرة تنتهي بتنقيح المشورة، أي: سيتناقشون ويتناقشون حتى يظهر الرأي الصحيح.

وبعضهم قال: الأولى أنك تستشير كل واحد بمفرده، لماذا؟ قال: لأنك لو طرحت على الجماعة، قلت: أستشيركم في كذا، كل شخص سوف يلقي المسئولية على الآخر ويسكت، ويقول: الآن فلان سيأتي بالرأي، فلا يحدث إنقداح قوي للأذهان، لكن لو استشرت كل واحد لوحده، فعندما تسأله يحس بالمسئولية، فيعطيك الرأي بعد تفكير وتمحيص، لكن لو جمعتهم يمكن أن يكون هناك تواكل.

والحقيقة أن المسألة ليس لها جواب معين، أي: ليس دائماً استشارة كل واحد لوحده صحيحة، وليس دائماً استشارة المجموعة هو الصواب، بعض الأحيان يكون الاجتماع أبلغ وأحسن، وبعض الأحيان تكون استشارة كل واحد على حدة أفضل.