إذا تأملنا في شروط أهل الذمة التي تمنع الوصول إلى هذا المستوى التي شرطها عليهم عمر رضي الله عنه، تعلمون عظمة هذا الدين، فإن عمر رضي الله عنه شرط على أهل الذمة توقير المسلمين، والقيام لهم من مجالسهم إذا أراد المسلمون أن يجلسوا فيها، ولا يتشبهون بهم في شيء، لا في اللباس ولا غيره، ولا يفرقون رءوسهم؛ لأن الفرق من سنة النبي صلى الله عليه وسلم، والإسدال من عادات اليهود والنصارى، فألزمهم بإسدال شعورهم وعدم فرقها، ولا يتكنون بكنى المسلمين ولا يتقلدون سيفاً ولا سلاحاً، ولا ينقشون خواتيمهم بالعربية، وأن يشدوا الزنانير على وسطهم حتى يتميزوا عن المسلمين، ولا يظهرون صليباً على كنائسهم ولا كتباً، ولا تبنى كنائس جديدة، وبالنسبة للكنائس القديمة في البلاد التي فتحها المسلمون، فلا يظهر الصليب فوق الكنيسة، ولا تباع كتبهم وأناجيلهم، ولا يضربون بنواقيسهم في الكنائس إلا ضرباً خفيفاً لا يسمع من خارج الكنيسة، ولا يرفعون أصواتهم في صلواتهم، ولا يبيعون خمراً، ولا يجاورون مسلماً بخنازير، ولا يخرجون في باعوث، وهذا عيد من أعيادهم، يخرجون فيجتمعون فيه، فإذا تأملنا هذه السنن التي شرطها عليهم أمير المؤمنين، كيف يوجد فيها من الصغار عليهم وإذلالهم، وكبت دينهم وشعائرهم حتى لا تظهر أمام المسلمين، تميزاً لهذه الملة وأهلها عن تقاليد الكفر وشعائرهم، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا وإياكم ممن يميزون هذا الدين، ويحافظون على نقائه، وصلى الله على نبينا محمد.