من المواقف التي نتعلمها من أهل العلم: ربط النصوص بالواقع؛ فإنه يثمر موقعاً عظيماً في النفس، كان الحسن إذا حدث بحديث الجذع وحنين الجذع إلى النبي صلى الله عليه وسلم، حتى نزل النبي صلى الله عليه وسلم وضمه إليه حتى سكن الجذع، يقول الحسن بعد هذا: يا عباد الله! الخشبة تحن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم شوقاً إليه، فأنتم أحق أن تشتاقوا إلى لقائه.
إنه الربط بين الموعظة وبين الناس الحاضرين، بين الحديث والكلام الذي يقال، بين الواقع وبين الناس، الربط هو الذي يجعل المسألة مؤثرة.
قال رجل قبل موت الحسن لـ ابن سيرين -وابن سيرين كان معروفاً بتأويل الرؤى-: رأيت كأن طائراً أخذ أحسن حصاةٍ في المسجد فقال: إن صدقت رؤياك مات الحسن.
فلم يكن إلا قليلاً حتى مات الحسن رحمه الله، فإن أحسن حصاة في المسجد الحسن رحمه الله تعالى.
ومن الربط بين النصوص والواقع: حادثة وقعت للإمام شيخ الإسلام أبي عثمان الصابوني -كما وصفه الذهبي في السير، وهو من أئمة أهل السنة، ألف عقيدة مهمة وعظيمة في بيان عقيدة أهل السنة، كان أبو عثمان الصابوني يعظ في المجلس، فدُفع إليه كتاب ورد من بخارى مشتملٌ على ذكر وباء عظيم بها، ليدعو لهم، ووصف في الكتاب أن رجلاً أعطى خبازاً درهماً، فكان يزن والصانع يخبز والمشتري واقف، فمات ثلاثتهم في ساعة من شدة الوباء، فلما قرأ الكتاب هاله ذلك قرأ الشيخ على الطلاب في الدرس الرسالة الواردة من بخارى بهذا الداء العظيم، فاستقرأ من أحد الطلاب قوله تعالى:{أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئَاتِ}[النحل:٤٥] الآيات، ونظائرها من الآيات التي فيها ابتلاء الله وإنزال العقوبة، وبالغ بالتخويف والتحذير، وأثر ذلك فيه وتغير، وغلبه وجع البطن، وأنُزل من المنبر من الوجع، فحمل إلى بيته أسبوعاً كاملاً من الألم، فأوصى وودع أولاده ومات رحمه الله تعالى.
كم يا ترى سيتأثر الطلاب والناس من هذا الموقف؟ وعندما ربط لهم الشيخ بين الداء الذي صار وبين الواقع، وأدخل آيات في الموضوع، واستقاها من القارئ هذه مواقف تربوية تزيد الإيمان ولا شك.