لماذا قال:{وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ}[النساء:٥٩] فذكر طاعتين؟ حتى لا يتوهم أحد أن الشيء الذي يأمر به الرسول صلى الله عليه وسلم وليس موجوداً في القرآن أنه غير واجب، كما قال عليه الصلاة والسلام:(يوشك رجل شبعان متكئ على أريكته، يأتيه الأمر من أمري، فيقول: بيننا وبينكم كتاب الله تعالى، ما وجدنا فيه من شيء اتبعناه، ألا وإني أوتيت الكتاب ومثله معه) الذي أنزله الله وأوجب اتباعه مثل الذي قاله النبي صلى الله عليه وسلم واجب الاتباع.
وتأمل كيف أفرد لنفسه طاعة، وللرسول طاعة، وأدخل طاعة أولي الأمر في طاعة الله ورسوله، ولم يفرد الطاعة؛ لأنها تبع، فلو خالفوا ما وجبت لهم طاعة:{فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ}[النساء:٥٩] في أي نزاع، وأي قضية، لا بد من الرد إلى الكتاب والسنة {إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ}[النساء:٥٩] هذا شرط، إذا كنتم تؤمنون فردوه وإذا ما رددتموه، فمعنى ذلك أنكم غير مؤمنين بالله واليوم الآخر.
وهذه آية كما قال رحمه الله: عاصمة قاصمة، تعصم المتمسك بها، وتقصم ظهر المخالف لها، فإذا أطعنا الله وأطعنا الرسول وكل شيء تنازعنا فيه رددناه إلى الله والرسول، فإن الذي سيحصل لنا هو الخير:{ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً}[النساء:٥٩] وكل خير في العالم يحدث بسبب طاعة الله ورسوله، وكل شر في العالم يحدث بسبب مخالفة الله ورسوله، وهذا أمر معروف.
فإذا صرت إنساناً تطيع الله والرسول، وترد إلى الله والرسول كل شيء يحصل عندك فيه لبس أو غبش أو جهل أو نزاع؛ فإنك تكون قد كملت نفسك، وبقي عليك أمران: الأول: دعوة الخلق إلى هذا الحق.
الثاني: الصبر على ما تلقاه.
فصار عندنا علم وعمل ودعوة وصبر، هذه أربعة مراتب إذا عملها الإنسان فقد بلغ كماله.
ومن الصوارف: العلاقة بالخلق عن الحق، إذا كانت العلاقة سلبية وغير صحيحة، ولذلك اختار العلماء العزلة حينما يكون الأشرار محيطين بالإنسان، وحين ذلك لا بد أن يفارقهم.
لقاء الناس ليس يفيد شيئاً سوى الهذيان من قيل وقال
فأقلل من لقاء الناس إلا لأخذ العلم أو إصلاح حال
تعاون على البر والتقوى، اجعل علاقتك بالناس قائمة على:{وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى}[المائدة:٢] وإذا ما وجد التعاون على البر والتقوى فاقطع العلاقة، هذا هو الصحيح.