للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حقه في الحضانة]

فماذا عن حق الحضانة للولد، الولد يحتاج إلى حنان وعطف ورعاية، والشريعة قد كفلت ذلك، حضانته حق حتى يستقل بأمره، يحفظ ويوقى من جميع الأضرار والشرور، وجعلت للأم الحضانة في حال انفصال الزوجين؛ لأنها أعرف بتربيته وأقدر على ذلك، وأصبر وأرأف من الأب، ولذلك جاء ذلك منصوصاً عليه في الشريعة، واجبة على الحاضنة ليس لها الحق في التخلي من هذا الواجب، خاصة إذا لم يوجد له حاضنة أخرى من المحارم.

وليس للكافر على المسلم حضانة، فلا تحضن الكافرة مسلماً؛ لأجل أن الإسلام يعلو ولا يعلى، وبالتالي لا يذهب أولاد المسلمين إلى الكنائس يوم الأحد، ولا تختطفهم أمهاتهم، ويعيشوا في بلاد الكفار فيشبوا نصارى أو يهوداً.

وفي حال السفر ينظر في الأصلح للطفل الإقامة أو النقلة، فإذا أراد الحاضن السفر فينظر في مصلحة الولد، وقد بحث العلماء ذلك وبينوه.

وللحضانة ترتيب وليست فوضى، الأم ثم أمهاتها، ثم الأب ثم أمهاته، ثم الجد ثم أمهاته، ثم الأخت من الأبوين، فالأخت لأب، فالأخت لأم، ثم الخالة، ثم العمة، ثم الأقرب فالأقرب، كل ذلك لأجل رعاية الولد وحضانته، وأن يبقى الولد عند أقرب الناس إليه، يرعاه ويحنو عليه.

أطفالنا ليسوا مشردين، أطفال الإسلام في حفظٍ وحماية ورعاية، وحضانة وكفالة، فإذا تزوجت أمه التي انفصلت عن أبيه -زوجها الأول- واشتغلت بحق الزوج الثاني، انتقلت الحضانة عن الأم، لحديث: (أنت أحق به ما لم تنكحي) فتنتقل إلى أمها، وهكذا.

فإذا صار الولد مميزاً كابن سبع سنين، وعقل واستغنى عن الحضانة يُخيَّر بين أبيه وأمه.

يراعى حاجة الولد النفسية، وميله النفسي ورغبته، ويستشار القاضي، فيحضره في المجلس، ويعقد مجلس القضاء، ويشغل القاضي والناس بالحضور، ويسأله: يقول: من تريد؟ اختر، مراعاة لشعور الولد، هذا ابن سبع سنين يخير بين أبيه وأمه، لحديث أبي هريرة: (أن امرأة جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا جالس عنده، فقالت: يا رسول الله! إن زوجي يريد أن يذهب بابني، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: استهما عليه، فقال زوجها: من يحاقني في ولدي؟ -أي: من ينازعني فيه- فقال النبي صلى الله عليه وسلم للولد: هذا أبوك وهذه أمك، فخذ بيد أيهما شئت، فأخذ بيد أمه، فانطلقت به) حديث صحيح، رواه أبو داود.

وهذا التخيير أو القرعة لا يكونان إلا بما يحصل مصلحة للولد، وكان الذي اختاره الولد أصلح له، فإن كانت الأم أصون من الأب وأغير منه؛ جعل الولد عندها، والعكس كذلك.

ولا اختيار للصبي في الحالة التي يختار فيها الأقل مصلحة أو لا مصلحة له، قال ابن القيم رحمه الله: سمعت شيخنا -أي: ابن تيمية - يقول: تنازع أبوان صبياً عند أحد القضاة فخيره بينهما، فاختار أباه، فقالت أمه للقاضي: سله لأي شيء اختار أباه، فسأله، فقال الولد: أمي تبعثني كل يوم للكتاب -مدرسة تحفيظ القرآن- والفقيه -أي: الذي يحفظني ويعلمني- يضربني، وأبي يتركني ألعب مع الصبيان، فقضى به للأم، وقال: أنت أحق به، هي تذهب به للكتاب، وذاك يضيعه ويتركه يلعب في الشارع مع الصبيان، فالأحق هو الأنفع للولد، فتراعى مصلحة الولد.