هذا معقل بن يسار رضي الله عنه زوج أخته رجلاً من المسلمين، على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكانت عنده مدة من الزمن، ثم طلقها تطليقة ولم يراجعها حتى انقضت العدة، ورجعت إلى أخيها -أخوها زوَّجها لهذا الرجل وأكرمه بها وأعطاه إياها، فإذا به يطلقها ولا يراجعها في العدة- فرجعت إلى بيت أخيها الذي خرجت منه، وهذا الزوج بعد فترة هويها، وهويته، يعني: أراد كل واحد منهم الرجوع إلى الآخر، فخطبها مع الخطاب، وفي القديم ما كانت المطلقة كما يقولون اليوم سوقها بائرة، فلا أحد يتقدم إلى المطلقة، لا.
قال: فخطبها مع الخطاب، فالمطلقات تمشي أمورهن بسرعة، فقال له معقل:[يا لكع! أكرمتك بها وزوجتكها، فطلقتها، والله لا ترجع إليك أبداً آخر ما علي] وفي رواية البخاري قال: [زوجتك وفرشتك وأكرمتك، فطلقتها، ثم جئت تخطبها، لا والله لا تعودك أبداً] وعودة إلى رواية الترمذي، قال: [فعلم الله حاجته إليها، وحاجتها إلى بعلها، فأنزل الله تبارك وتعالى في هذه القصة آية وهي قوله سبحانه وتعالى:((وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ)) [البقرة:٢٣٢]] لما سمعها معقل، ماذا قال؟ والآن تصور أن واحداً منا زوج رجلاً من الشباب الطيبين أخته وسهل له الأمور، والمهر لا يكاد يذكر، كأنه أعطاه عطية، والمهر يسير، وأكرمه بها، وربما تكون أخته الوحيدة المدللة المعززة المكرمة في البيت، وإذا بهذا بعد فترة من الزمن يطلقها ويرميها، ثم يأتي بعد ذلك يريد أن يخطبها مرة أخرى، ما راجعها في العدة، تركها حتى تخرج من عصمته، كيف يكون شعورك؟ وماذا عساه أن يفعل بهذا الرجل الذي جاء يطلبها مرة ثانية؟ فهذا معقل بن يسار الصحابي رضي الله عنه شعوره معروف، نفسه مشحونة الآن، لما نزلت الآية، ماذا قال؟ لقد قال:[[سمعاً لربي وطاعةً، ثم دعاه، فقال: أزوجك وأكرمك، فزوجها إيا].
ما هو الفرق بيننا وبين الصحابة؟ الفرق سرعة الامتثال: سمعاً لربي وطاعة، التسليم مباشر، وفي رواية:[فكفرت عن يميني وأنكحتها إياه] حلف ألا يعطيها إياه مرة ثانية، فكفر عن يمينه، وفي رواية:[فقلت: الآن أقبل أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، سمعاً لربي وطاعة، فدعا زوجها، فزوجها إياه].