أيها الإخوة: لابد أن نحدد الهدف الذي نسعى إليه، ما هو هدفنا؟ حتى لو قلنا: الجهاد الجهاد ما هو هدفنا في الجهاد؟ قال تعالى:{وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ}[الأنفال:٣٩] هذا هو الهدف الحقيقي، يقول الله:{إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً}[التوبة:١١١]، ويقول الله جل في علاه:{قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ}[التوبة:٥٢] الموت في سبيل الله أو إعلاء كلمة الله والظهور على الكفار.
ليس هدف المسلم طرد غازٍ ولا مستعمر، وإنما المسألة نشر الدين وقتال كل من يقف في وجه الدين.
أيها الإخوة: إن المتأمل لسيرة صلاح الدين يجد أنه لم يكن همه تطهير بقعة معينة، بل صلاح الدين يقول لمستشاره وصديقه القاضي الفاضل في أواخر عمره، يقول: حتى إذا يسر الله فتح بقية الساحل قسمت البلاد، وأوصيت وودعت، وركبت وراء هذا البحر إلى جزائرهم -إلى الأماكن التي أتى منها النصارى من أوروبا - أتبعهم فيها حتى لا أبقي على وجه الأرض من يكفر بالله أو أموت.
إذاً: الهمة والهدف ليس مكاناً محدداً ولا بقعة معينة، والمسألة هي القتال لنشر الدين في الأرض كلها، وإعداد الأمة قبل ذلك، والمسلمون ليسوا مرتزقة، يأخذون أعطيات لقتالٍ لهدفٍ دنيوي معين، فالمسلمون نيتهم في الجهاد إعلاء كلمة الله، ولا شيء آخر أبداً؛ لأن (أول من تُسعر بهم النار يوم القيامة ثلاثة منهم: رجل قتل في المعركة، يؤتى به يوم القيامة، فيقول الله له: فيم قتلت؟ فيقول: في سبيلك، قاتلت وقتلت، قال: كذبت، ولكنك قاتلت ليقال: فلان جريء وقد قيل، اسحبوه إلى النار، فيسحب إلى النار) هذا الذي قاتل بخلاف الذي تولى وتقاعس أصلاً.