للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الإتيان بما نسي وقت تذكره أو جبره بنحو سجود السهو]

إذاً من المسائل المهمة جداً في استدراك ما فات الإكثار من النوافل، وحتى النوافل نفسها لو فاتت فتحت الشريعة فيها أبواباً للتعويض، مثلاً: البسملة في الوضوء واجبة، فإذا نسيها في أوله وذكر أثناء الوضوء، ماذا قال العلماء؟ قالوا: فإن نسي في أوله وذكر أثناءه سمى بقوله: باسم الله، يأتي بها في أثنائه تداركاً لما فاته، كما في كتاب نهاية المحتاج.

وبعضهم قاس على الطعام فيقول: باسم الله أوله وآخره، لكن إذا فاتته ولم يتذكر إلا بعد نهاية الوضوء فات محلها، فيكثر من ذكر الله أي: الأذكار العامة.

غسل الميت تقدم معنا، لو دفن ميت دون غسل وقد أمكن غسله لزم نبشه لغسله تداركاً لواجب غسله، ما لم يُخشَ تغيره وهذا قول الجمهور.

تدارك المتروك في الصلاة، كمن نسي سجدة مثلاً، أو التشهد الأول فإن كان ركناً عاد إليه وجوباً، فأتى به وما بعده على الترتيب، وواجبات الصلاة عند الحنابلة كالتشهد الأول وتكبيرات الانتقال، وتسبيح الركوع والسجود، إن تركه سهواً فيجب عليه تداركه ما لم يفت محله -قبل أن يرفع من الركوع تذكر أنه ما قال سبحان ربي العظيم، إذاً يأتي بها- ويفوت محله بالانتقال لما بعده، فإذا اعتدل من الركوع وقد نسي سبحان ربي العظيم فلا يعود؛ لأنه دخل في الركن فلا يعود للواجب، ويستدرك بسجود السهو -سبحان الذي شرعه- فإذا لم يعتدل رجع إلى الركوع فأتى بالتسبيح، وكذلك التشهد الأول يرجع إليه ما لم يعتدل قائماً، فإذا اعتدل فلا يرجع وعليه سجود السهو.

وأما السنن فقد جاء في كشاف القناع أنه لا تتدارك للسنن إذا فات محلها، كما إذا ترك الاستفتاح حتى تعوذ، أو ترك التعوذ حتى بسمل، أو ترك البسملة حتى شرع في القراءة، أو ترك التأمين حتى شرع في السورة.

وسألت والدنا وشيخنا العلامة عبد العزيز بن عبد الله بن باز عن بعض هذه المسائل فقال: إذا تجاوز الاستفتاح يرجع إليه ولو شرع في الاستعاذة، ويرجع إلى الاستعاذة ولو شرع في البسملة، ويتدارك السنن، قال: وما المانع؟ إلا إذا كان مأموماً وشرع الإمام في القراءة فإنه ينصت.

لو نسي سجود السهو يرجع فيأتي به وشيخ الإسلام يقول: حتى في البيت، أي أنه لم يتذكره إلا بعد فترة، والجمهور يقولون: إذا تذكره عن قرب رجع إليه فأتى به.

إذا نسي تكبيرات صلاة العيد حتى شرع في القراءة، فلا يتداركها لأنها سنة فات محلها، وهذا قول الشافعية والحنابلة، غير أن الشافعية قالوا: يتداركها في الركعة الثانية مع تكبيراتها.

ومن دخل في صلاة الجنازة والإمام في التكبيرة الثالثة فماذا يفعل؟ سألت شيخنا -نفع الله بعلومه- عن هذه المسألة، فقال: إنما أدركه المأموم مع الإمام هو أول صلاته، ثم يتم الباقي إذا سلم الإمام، فإذا دخلت مع الإمام في صلاة الجنازة وهو في التكبيرة الثالثة يقرأ الدعاء للميت، وأنت تقرأ سورة الفاتحة.