ومن المنكرات الحادثة في التسميات ما يلجأ إليه بعض الناس ممن رق دينهم وكان لهم نصيبٌ من الفسوق والعصيان أن يسموا أولادهم على أسماء الممثلين والممثلات أو المغنين والمغنيات أو الراقصين والراقصات، فترى واحداً منهم مع أنه أب مسئول لا يتورع أن يسمي ابنته على اسم مغنية أو ساقطة من الساقطات لأنه معجبٌ بها، وترى ديوثاً يقر الخبث في أهله لا يتورع أن يسمي ولده باسم داعرٍ أو راقصٍ أو ماجن ولو كان اسمه قبيحاً لأنه معجبٌ به، والمرء يحشر مع من أحب.
وقد يكون الاسم جميلاً أو حسناً ولكن الباعث إلى التسمية به ليس إرضاء الله وإنما اتباعاً لذلك المغني، كمن يسمي (عبد الحليم) مثلاً فهو اسمٌ حسن والحليم من أسماء الله، ولكن ما هي النية والباعث على التسمية بهذا الاسم، هل لأنه تعبيدٌ لاسم من أسماء الله، أم لأنه إعجاب بمغنٍ من المغنين أو مطربٍ من المطربين مثلاً، وإنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى؟! وكذلك من المنكرات في هذا التسمية بأسماء تكره النفوس معانيها، كحرب ومرة وحية وحنش ومثل ذلك ثعلب وثعيلب وثعيل وكليب وخنفس وخنيفس، وهذا منتشر بين البادية كثيراً، وأحياناً التسمية بأسماءٍ ذات ألفاظ وحشية كخربوش وعجيريف من العجرفة أو متحس وطفشير ونحو ذلك، وهذه أسماء واقعية يسمون بها، وقد تقدم أنه عليه الصلاة والسلام لما أقيم بين يديه قاتل حمزة وسأله عن اسمه فكان اسمه وحشي، فقال:(غيب وجهك عني) فعمله واسمه منافٍ للحق وفيه نفور تحس به النفس.
وكذلك من الأسماء القبيحة ما يفعله بعضهم من التسمي بأسماء الحيوانات، كثعيلب وثعيل ووحش ونحو ذلك، أو أن يكون الاسم قبيح المعنى مثل عناد وغسيس وغصاب وعاشق ومتروك ونحو ذلك، وهذه أسماء منتشرة كما ذكرنا، وتأمل عندما يقف رجل أمام الناس فيقال له ما اسمك؟ فيقول: اسمي كذا، وإذا كان اسمه قبيحاً فكيف يكون موقفه بينهم؟ حدثني بعضهم عن طالبٍ من الطلاب في مدرسة من المدارس لما جاء المدرس يسأل عن أسماء طلابه فلما أوقف أحدهم قال له: اسمي خايس، هذا هو اسمه خايس، كيف يكون موقف ذلك الطالب بين زملائه وهو يقول: اسمي خايس، وهذا لعمر الله من الجرائم التي يجرم بها بعض الآباء وهم لا يتقون الله في تسمية أولادهم، أو يكون لبعضهم أسماء تافهة مثل قوطي ونحو ذلك، وهذا موجود.
ومن الشناعة أن يقول بعض هؤلاء كما قال ذلك الرجل حزن لا أغير اسماً سمانيه أبي، فقد يعاقب على ذلك، كما عوقب سلفه من قبل.
ومبدأ {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ}[الزخرف:٢٣] مبدأ جاهلي آخذه القرآن وعاب أهله وذمهم، فكيف يأتي أناسٌ من المسلمين اليوم ويقولون: هذه أسماء آبائنا وأجدادنا وقبيلتنا وعشيرتنا لا نغير فيها، ومن الذي قال: إن هذا شرع وإن تسمية آبائكم وأجدادكم وقبيلتكم وعشيرتكم إن هذا في القرآن والسنة، من الذي قال بهذا؟ ولماذا نسمي أنفسنا مسلمين إذاً إذا لم نكن سنستسلم لآداب الإسلام وأوامر الله ونواهيه، فإذاً شرع الله فوق عادات القبائل وفوق أعراف المجتمعات، يجب أن يتبع شرع الله.