أحياناً تخرج النصيحة عن كونها نصيحة إلى كونها تشهير، فتجد عبارات التجريح منهالة على الشخص المنصوح، وقد نسي الناصح الفكرة تماماً ونسي الموضوع، وبدأ الآن يجرح في الشخص المنصوح، فتخرج النصيحة عن كونها نصيحة إلى أن تصبح تشهيراً وتجريحاً، وأحياناً تخرج النصيحة عن كونها نصيحة إلى أن تصبح تملقاً وتزلفاً، فتجد هذا الشخص عندما يكون مع مديره -مثلاً- في العمل أو مع إنسان مسئول عنه، ويحتاج الوقت إلى نصيحة -يحتاج إلى أن ينصح هذا المسئول أو أن ينصح هذا المدير- فتجد النصيحة فيها من التميع والانحراف في مضمونها لذات الشخص أو لأجل هذا الشخص أو لمنصب هذا الشخص ما يجعلها تملقاً وتزلفاً، وتجد العبارات تنطلق بالمدح والثناء وتصحيح وضع هذا الشخص وتطمينه أنه بخير، مع أنه منغمس إلى آذانه في أوحال المعاصي والأخطاء.
فينبغي -أيها الإخوة- أن نعدل:{وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا}[الأنعام:١٥٢] وأن نحق الحق وألا نميل يميناً أو يساراً ونحن نعرف دين الله عز وجل وننصح الناس.
النصيحة عبادة ومسئولية، فإذا انقلبت إلى تجريح أو تشهير أو تملق أو تزلف فقد خرجنا بدين الله تعالى عن الطريق الصحيح إلى أغراض أخرى شخصية ومطامع دنيوية، لا تلبث أن تميت قلب الناصح.