لو أن إنساناً يصلي لوحده أو مع الجماعة، ولنفترض أنه يصلي مع الجماعة إلى جهة يظنونها جهة القبلة، وفي أثناء الصلاة تبين لهم أو لبعضهم أن الجهة التي يصلون إليها ليست هي جهة القبلة، فماذا يفعلون؟ إذا استبان لهم كلهم الاتجاه الصحيح استداروا جميعاً بإمامهم إلى المكان الصحيح والاتجاه الصحيح للقبلة، وما مضى من صلاتهم صحيح، أحدهم مثلاً يصلي إلى اتجاه يظنه القبلة صلى ركعتين وبقي له ركعتان، فتبين له خطأ اتجاهه، يعدل نفسه ويكمل الصلاة على ما مضى من صلاته وتبقى له ركعتان، فإن كانوا جماعة استداروا كلهم، فإن تبين لبعضهم أنه على خطأ والبعض الآخر يظن أنهم على اتجاه صحيح، فماذا يفعلون؟ الذين تبين لهم يستديرون إلى القبلة، والذين تبين لهم أن مكانهم صحيح يبقون على مكانهم، هل يستمر بعضهم بالاقتداء ببعض؟ هذه مسألة محل خلاف، وقد ذكر ابن قدامة رحمه الله في المغني أن اقتداء بعضهم ببعض صحيح على رواية، ولو خالف بعضهم بعضاً في الاتجاه، ونقل رواية أخرى أن الاتجاه لو كان متخالفاً تماماً، فإن الذين يترجح لديهم القبلة هكذا يصلون مع بعض والآخرين يصلون مع بعض ولا يقتدي بعضهم ببعض، فإن كان واحد مقلداً لا يدري، رأى بعضهم اتجه هكذا وبعضهم اتجه هكذا، وهو لا يرجح لا مع هؤلاء ولا مع هؤلاء، فماذا يفعل؟ هذا يقلد من يثق به، ينظر أي الجماعة أوثق علماً بالقبلة وأعرف بالأحوال والاتجاهات والأماكن وأعقلهم وأشدهم مقدرة على التخيل مثلاً فيقلده في اتجاهه ويتوجه مثلما توجه.