قيل لأحد الناس عند موته: قل لا إله إلا الله، فقال: آهٍ آهٍ! لا أستطيع أن أقولها، وكان رجلٌ يجالس شراب الخمر، فلما حضرته الوفاة، جاءه إنسان يلقنه الشهادة، فقال له: اشرب واسقني، ثم مات.
وذكر ابن القيم رحمه الله أن رجلاً حضرته الوفاة، فقيل له: قل لا إله إلا الله، فجعل يهذي بالغناء، وقيل لأحد المحتضرين: قل لا إله إلا الله، فقال: وما يغني عني وما أعرف أني صليت لله صلاة، ولم يقلها.
صحب رجل الأخيار فترة من الزمن، فصلح أمره، وظهر ذلك في مظهره وثوبه ولحيته، ولكن في يوم من الأيام صحب الأشرار لينفثوا سمومهم في عقله وقلبه، وليدعوه إلى كل شر ورذيلة، وليغرسوا في قلبه بغض الصالحين ومجالسهم، وأخرجوه معهم إلى رحلة برية، وفي أثناء الطريق انقلبت بهم السيارة وماتوا جميعاً، وحضر الناس ليشاهدوا الحادث، وإذا بهم يعرفون هذا الرجل بعد موته قد حلق لحيته التي أطلقها مدة من الزمن، وأسبل ثوبه الذي قصره فترة من الوقت، ووجدوا بجواره كأس الخمر بعد معاقرته لها، لقد مات وهو مخمور بها، ولقي الله وهو سكران.
كم من دمعة قطرت على هذه الخاتمة السيئة؟ فهل من قلوب واعية وآذان صاغية؟ يقول أحد الأشخاص: في أثناء عملنا توقفت أنا وزميلي على جانب الطريق نتجاذب أطراف الحديث، وفجأة سمعنا صوت ارتطام قوي فأدرنا أبصارنا، فإذا بها سيارة مرتطمة بأخرى كانت قادمةً من الاتجاه المقابل، هببنا مسرعين إلى مكان الحادث لإنقاذ المصابين، حادث لا يكاد يوصف، شخصان في السيارة في حالة خطيرة، أخرجناهما من السيارة ووضعناهما ممدودين، أسرعنا لإخراج صاحب السيارة الثانية الذي وجدناه قد فارق الحياة، عدنا إلى الشخصين، فإذا هما في حال الاحتضار، هبَّ زميلي يلقنهم الشهادة، قولوا: لا إله إلا الله، لكن ألسنتهما ارتفعت بالغناء يرددان أغنية كانا يستمعان إليها قبل الحادث، أرهبني الموقف وهالني الأمر، وكان زميلي على عكسي يعرف أحوال الموتى، وأخذ يعيد عليهما الشهادة، فما استطاعا نطقها، بل أخذا يغنيان، ومن حضر من الناس يسمعهما ليشهدا عليهما يوم الفضائح، واستمرا على ذلك حتى ماتا، وما استطاعا أن ينطقا بلا إله إلا الله.
قصص سوء الخاتمة لأهل الغناء كثيرة حتى أن بعضهم عند الغرغرة ربما لعن الدين وتبرأ من الصلاة.