من القصص أيضاً التي نقلت: قصة ردة عبيد الله بن جحش زوج رملة بنت أبي سفيان، يقول الذهبي رحمه الله في السير: ومن محاسن النجاشي أن أم حبيبة رملة بنت أبي سفيان بن حرب الأموية أم المؤمنين أسلمت مع زوجها عبيد الله بن جحش الأسدي قديماً، فهاجر بها زوجها إلى أرض الحبشة، فولدت له حبيبة ربيبة النبي صلى الله عليه وسلم، ثم إنه أدركه الشقاء، فأعجبه دين النصرانية فتنصر، فلم ينشب أن مات بـ الحبشة، فلما فرغت من العدة بعث الرسول صلى الله عليه وسلم إلى النجاشي، فخطبها، فزوجه إياها، ودفع المهر نيابة عن الرسول صلى الله عليه وسلم.
يقول ابن كثير رحمه الله في البداية والنهاية: "أما تنصر عبيد الله بن جحش فقد تقدم بيانه؛ وذلك على أثر ما هاجر مع المسلمين إلى أرض الحبشة، فزين له دين النصارى، فصار إليه حتى مات عليه لعنه الله، وكان يعير المسلمين، فيقول لهم: أبصرنا وصأصأتم.
فإذاً: حدثت وقائع على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في ارتداد أناس، ولكنها نادرة جداً؛ وذلك لطبيعة التربية النبوية التي لم يرفضها إلا من كان قد طبع الله على قلبه، والله عز وجل بين لنا في القرآن أمثلة عامة:{وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ * وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ}[الأعراف:١٧٥ - ١٧٦]؛ ولذلك الردة لا تضر في الإسلام، يعني: لا تضر إلا صاحبها، يقول الله عز وجل:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}[المائدة:٥٤]{وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ}[محمد:٣٨] ليست هناك مشكلة للإسلام، لا ينقص في الدين شيء لو ارتد الناس، الدين باقٍ والله يحفظه، لكن المشكلة مشكلة المرتد نفسه.