للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تثبيت الله لرسوله صلى الله عليه وسلم]

عباد الله: لقد قال عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم: {وَلَوْلا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً * إِذاً لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ} [الإسراء:٧٤ - ٧٥].

والله سبحانه وتعالى أعلم نبيه عليه الصلاة والسلام بأن القضية قولٌ فصلٌ وليس بالهزل، وعندما عرض عليه الكفار شيئاً من المبادلة في المواقع وقالوا: نعبد إلهك سنة، وتعبد إلهنا سنة! أنصاف حلول نتوصل بها إلى أرضيةٍ مشتركة، نتعايش فيها وإياك يا محمد -صلى الله عليه وسلم- تعايشاً سلمياً بـ مكة، تعبد إلهنا سنة، ونعبد إلهك سنة: {وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ} [القلم:٩].

تتراجع أنتَ ويتراجعون هم وتصلون إلى حلٍ وسط: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [الكافرون:١] وناداهم بالكافرين، تصريحاً بكفرهم وإعلاناً بعداوتهم واتخاذاً بالموقف الصريح منهم: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [الكافرون:١] ليس يا أهل مكة الذين تقيمون معي ويا إخواننا في البلد، لا.

{قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ * لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ * وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * وَلا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ * وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ} [الكافرون:١ - ٥].

تكرار بعد تكرار وإصرارٌ بعد إصرار على الثبات على الأصل وعدم التراجع، وإعلان المفاصلة بقوله في النهاية: {لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ} [الكافرون:٦].

يودع المؤمنُ روحه التي تقبض في نومه بهذه السورة إعلاناً منه بالبراءة من المشركين والثبات على التوحيد قبل كل نومةٍ ينامها! {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [الكافرون:١].