ولأجل عظم هذا الموضوع صنف العلماء فيه تصنيفاتٍ عظيمة، ولنعلم أن التمسك بالآداب الشرعية يقود إلى التمسك بالدين كله، ولذلك يقول الشيخ عبد الرحمن المعلمي اليماني رحمه الله في مقدمته لكتاب الأدب المفرد للبخاري، قال: قد أكثر العارفون بالإسلام المخلصون له من تقرير أن كل ما وقع فيه المسلمون من الضعف والخور والتخاذل وغير ذلك من وجوه الانحطاط إنما كان لبعدهم عن حقيقة الإسلام، وأرى أن ذلك يرجع إلى أمور: الأول: التباس ما ليس من الدين بما هو منه، أي: مثل إدخال البدع فيه.
ثانياً: ضعف اليقين بما هو من الدين حقاً.
ثالثاً: عدم العمل بأحكام الدين.
هذه الأشياء الثلاثة التي عليها مدار أسباب انحطاط المسلمين.
ما هي أسباب تخلف المسلمين التي أشار إليها الشيخ المعلمي اليماني رحمه الله؟ ثلاثة أشياء: أولاً: إدخال ما ليس من الدين في الدين.
ثانياً: عدم اليقين بما هو من الدين.
ثالثاً: ضعف العمل بهذا الدين.
هذه أسباب تخلف المسلمين وانحطاطهم، ثم قال رحمه الله تعالى: وأرى أن معرفة الآداب النبوية الصحيحة في العبادات والمعاملات، والإقامة والسفر، والمعاشرة والوحدة، والحركة والسكون، واليقظة والنوم، والأكل والشرب، والكلام والصمت، وغير ذلك مما يعرض للإنسان في حياته، مع تحري العمل بها كما يتيسر هو الدواء الوحيد لتلك الأمراض، فإن كثيراً من تلك الآداب سهلٌ على النفس، فإذا عمل الإنسان بما يسهل عليه منها تاركاً لما يخالفها، لم يلبث إن شاء الله تعالى أن يرغب في الازدياد، فعسى ألا تمضي عليه مدة إلا وقد أصبح قدوةً لغيره في ذلك.
وبالابتداء بذلك الهدي القويم والتخلق بذلك الخلق العظيم، يستنير القلب وينشرح الصدر وتطمئن النفس، فيرسخ اليقين ويصلح العمل، وإذا كثر السالكون في هذا السبيل، لم تلبث تلك الأمراض أن تزول إن شاء الله.
ثم أشار إلى قضية تصنيف البخاري رحمه الله لكتاب الأدب المفرد وقد أفرده عن صحيحه وجعل له أبواباً خاصة، وقد ذكر ابن حجر رحمه الله في أهمية هذا الكتاب، قال: وكتاب الأدب المفرد يشتمل على أحاديث زائدة على ما في الصحيح، وفيه قليلٌ من الآثار الموقوفة، وهو كثير الفائدة.
وقد شرحه الشيخ فضل الله الجيلاني وخرج أحاديثه، وحققه الشيخ محمد ناصر الدين الألباني، فهذا الكتاب الآن مشروح ومحقق كتاب صحيح الأدب المفرد للبخاري رحمه الله وحسبك به، ويكفيك مؤلفه.