وكذلك فإن الطبيب المسلم صاحب خلق حسن، وأقرب الناس مجلساً من النبي عليه الصلاة والسلام أصحاب الأخلاق الحسنة الذين يألفون ويؤلفون.
ومن أخلاق الطبيب الرحمة وهو يرحم خلق الله ويرأف بهم، وهذه الصفة مهمة لأطباء الطوارئ؛ لأن بعضهم من كثرة الحالات يتأفف وربما يقسو على المرضى ويجابههم بوجه خشن، ويضيق صدره بهم، فربما تلفظ على بعض المرضى بألفاظ لا تليق بطبيب مسلم، فينبغي أن نتعامل معهم من دافع الرحمة وهي الخلق المهم من أخلاقيات الطبيب، وإذا حضر الطبيب المريض أو الميت؛ فإنه يدعو له بخير، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(إذا حضرتم المريض أو الميت؛ فقولوا خيراً؛ فإن الملائكة يؤمنون على ما تقولون).
ومن أخلاقيات الطبيب أنه لا يظهر الابتهاج، وكذلك طالب الطب لا يظهر الابتهاج إذا جاءت حالة نادرة فرحاً بها أمام المريض المسكين، ومن الرحمة كذلك أن يتجنب دفع المريض للقيام بحركات وتصرفات معينة؛ لأجل أن يبين لطلاب الطب أعراض المرض، كأن يجعله يجري مثلاً في الممر؛ ليظهر لهم أشياء تتعلق بنبضه أو إعيائه ونحو ذلك كما يفعله بعض الذين يدرسون الطب، فيقولون: من أجل تدريس الطلاب يرهقون المريض وربما يؤخرون علاجه، لا، يجب أن يعطيه العلاج الذي يحتاجه الآن، يقول: نستدعي أولاً الطلاب ليرون المريض ثم نعطيه العلاج، والمريض يحتاج إلى العلاج، وهذا ليس من الإنسانية في شيء ولا من الرحمة.
وكذلك ينبغي عدم إشعار المريض بأنه حقل تجارب أمام طلاب الطب، ولابد أن يسارع الطبيب إلى النجدة من هذه الرحمة الموجودة لديه.
وكذلك من أخلاقيات الطبيب أنه يتلطف في حال الكشف، فعندما يرى المريض أو المريضة متحرجاً من الكشف فلا يقسو عليه أو يأمره بالكشف ونحو ذلك، وإنما يراعيه ويسايسه في قضية الحرج هذه لأنها مسألة شرعية، وليس من شعور أشد على المريض من أن يرى من حوله من طلاب الطب يتناوبون عليه، كل واحد يقول: تفضل اكشف، فيقول له الآخر: تفضل اكشف أنت، ويتعلمون عنده وهو يئن تحت وطأة المرض وألم المرض.
وكذلك من حسن أخلاق الطبيب أن يتلطف في إخبار المريض عن مرضه، وإذا لم ير من الحكمة والمصلحة أن يخبره عن الحقيقة؛ فلا بأس أن يكتمها أو يؤخرها، لكن إذا كان المريض على وشك الموت ومرضه مميت، فلابد أن يبين له الطبيب أشياء تتعلق بوضعه حتى يتهيأ للموت، قد تكون عنده وصايا أو أشياء يريد الإخبار بها، فلا يقول: لا نخبره مطلقاً، فيموت المريض فجأة دون أخذ احتياطاته.
وكذلك إخبار المرضى بالعمليات الجراحية التي تكون في العادة خبرها شديد الوطأة عليهم.
وكذلك من أخلاقيات الطبيب ألا يعطي المريض كومة أدوية لا داعي لها لتكلفه، وإنما يعطيه الدواء النافع الذي يعلمه بخبرته، ولا ينساق وراء إحساس بعض المرضى أن الطبيب ليس بجيد إلا إذا أعطى كومة من الأدوية، ولذلك بعض الأطباء يصفون علاجاً، ثم يقول المريض: عندي حرارة، فيكتب، ثم يقول له: عندي كحة، فيكتب، ثم يقول له: عندي صداع، فيكتب، فأين أنت؟ إما أنك لم تكشف عليه كشفاً جيداً ولم تسأله وهذا تقصير، أو أنك تكتب أشياء لا داعي لها، وينبغي أن يكون الطبيب صريحاً صادقاً مع المريض.
ثم إن من إتقان الطبيب أن يكتب الدواء بعناية؛ لأن بعض الصيادلة لا يحسنون قراءة الوصفات، فيعطون المرضى أدوية غير مطلوبة، فلا أقل من أن يحسن الطبيب خطه، ولا نحتج بأن كل الصيادلة يقرءون جميع هذه الخطوط الرديئة التي تعود الأطباء على كتابة الأدوية بها، بل إن بعض من جربوا في الصيدليات، أثبتوا أنهم يعطون الدواء غير الصحيح؛ بسبب جهلهم أولاً ثم بسبب عدم إتقان الطبيب كتابة اسم الدواء ثانياً.