[اهتمام النبي صلى الله عليه وسلم بتعليم النساء والحث عليه]
ولذلك الواجب على الإنسان تجاه أهله من زوجة وأولاد وإخوة وآباء وأمهات واجب ثقيل جداً، وبالذات النساء اللاتي أوصى بهن الله خيراً، ووصى بهن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولذلك تجد أهل العلم في مصنفاتهم قد اهتموا بإبراز هذا الأمر، واهتموا بإبراز اهتمام الإسلام بأمر المرأة في وقايتها من النار، قال البخاري رحمه الله: باب هل يجعل للنساء يوم على حدة؟ أي: في التعليم والتذكير والوعظ، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: قالت النساء للنبي صلى الله عليه وسلم: (غلبنا عليك الرجال، فاجعل لنا يوماً من نفسك، فوعدهن يوماً لقيهن فيه، فوعظهن وأمرهن).
قال ابن حجر: ووقع في رواية سهل عن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه، بنحو هذه القصة فقال فيها: (موعدكن بيت فلانة، فأتاهن فحدثهن).
إذاً خصص لهن موعداً زمانياً ومكانياً، وفي شرح حديث موعظة رسول الله صلى الله عليه وسلم للنساء يوم العيد، ذكر ابن حجر رحمه الله تعالى في فوائد الحديث: استحباب وعظ النساء وتعليمهن أحكام الإسلام، وتذكيرهن بما يجب عليهن، ويستحب حثهن على الصدقة، وتخصيصهن بذلك في مجلس منفرد، ومحل ذلك كله إذا أمنت الفتنة والمفسدة.
وتعليم الزوجة والبنت هو من جعل وقاية بينهن وبين النار، بل إن الجهل الذي يلحق الزوجة والبنت والأخت بسبب تقصير الرجل قد يصل إلى الرجل في قبره، فعدم القيام والإهمال في شئون النساء من قبل الرجل قد يصل عذابه إلى الرجل في قبره، عن عبد الله أن حفصة بكت على عمر، لما طعن عمر، فقال: (مهلاً يا بنية! ألم تعلمي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الميت يعذب ببكاء أهله عليه).
وللعلماء رحمهم الله مذاهب شتى في هذا الحديث، ومن أقواها أنه يعذب في قبره إذا أهمل تعليمهم أن النياحة حرام، وإذا كان يعلم أن عادتهن النياحة، وأنهن من المتوقع أن ينحن عليه إذا مات، فأهمل أمر تعليمهن حكم النياحة وأنها حرام، ولم ينههن قبل موته، وهو يتوقع أن يحدث ذلك، فإنه يعذب في قبره بما نيح عليه، لأنه أهمل في هذا الأمر، وهذا حمل جيد لهذا الحديث، وجمع بينه وبين قول الله عز وجل: {وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام:١٦٤].
فإذاً الاهتمام بشأن الأهل في التعليم، وعقد جلسات الوعظ والتذكير، وتمكين المرأة أياً كان مستواها من تعلم الأحكام الشرعية التي تحتاج إليها، وتوفير الإجابات على أسئلتها الفقهية أمر مهم، الإتيان بالإجابات على تساؤلات أهلك، والفتاوى للوقائع التي تحدث لهن في أمور الصلاة والطهارة والحيض والنفاس، فهناك أمور كثيرة تحتاج إليها المرأة، فمن وقايتهن من النار أن تبذل لهن الوسيلة في التعليم.
قال البخاري رحمه الله تعالى: باب تعليم الرجل أمته وأهله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ثلاثة لهم أجران -فذكر منهم- ورجل كانت عنده أمة فأدبها فأحسن تأديبها، وعلمها فأحسن تعليمها، ثم أعتقها، فتزوجها فله أجران) قال ابن حجر رحمه الله: مطابقة الحديث للترجمة في الأمة بالنص، وفي الأهل بالقياس.
وهذا الحديث يحث على تعليم الأمة، والأمة هي الرقيقة، فإذا كان أمر بتعليم الأمة، أليس من باب أولى أن يؤمر بتعليم الحرة؟! ولذلك يقول: إذ الاعتناء بالأهل الحرائر في تعليم فرائض الله وسنن رسله آكد من الاعتناء بالإماء.