ونهانا عن التعاون على الإثم والعدوان، فما هو الفرق بين الإثم والعدوان؟ مثل: البر والتقوى، الإثم سيدخل في العدوان؛ لأنه نوع من الاعتداء، والعدوان سيدخل في الإثم؛ لأن الذي يقوم بالاعتداء آثم، هذا إذا افترقا فيكونان بهذا المعنى، وإذا اجتمعا كما في قوله تعالى:{وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى اْلإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}[المائدة:٢] فلا يمكن أن نقول: إنها مجرد تكرار، فما هو الفرق بين الإثم والعدوان؟ الإثم: ما كان حراماً لجنسه، مثل: الزنا، والخمر، والسرقة والعدوان: ما كان حراماً لزيادة في قدره، وتعدٍ لما أباح الله، فلو تزوج رجل خامسة، فإنه يعتبر عدواناً، ولو قطع شخص يد شخص، فجاء الثاني وقطع يديه في استيفاء الحق في القصاص، أو الظالم قطع يديه، فإنه يعتبر عدواناً.
فالعدوان: هو تعدي حدود الله عز وجل، وقد قال الله تعالى:{تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَعْتَدُوهَا}[البقرة:٢٢٩]{تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَقْرَبُوهَا}[البقرة:١٨٧] فنهى عن أمرين بالنسبة لحدود الله: ١ - تعدي الحدود.
٢ - نهى عن قربان الحدود، لا تتعدَّ ولا تقترب لماذا؟ لأن الحدود هي النهايات الفاصلة بين الحلال والحرام، والحد قد يكون من الشيء تارة، وقد يكون منفصلاً عنه تارة، أي: الحد بين الشيئين، أحياناً يكون من أحدهما، وأحياناً يكون برزخاً وحاجزاً بينهما، فإذا كان الحد أحدهما إذا كان حد الحرام جزءاً منه، فما هي الآية المناسبة؟ قوله تعالى:{فَلا تَقْرَبُوهَا}[البقرة:١٨٧].
وإذا كان الحد هو برزخ منفصل لا من هذا ولا من هذا، فما هي الآية المناسبة؟ قوله تعالى:{فَلا تَعْتَدُوهَا}[البقرة:٢٢٩].
وهذا كله من فقهه رحمه الله؛ الربط بين الآيات والواقع وبين المعاني، هذه اشياء لا تتأتى إلا لأهل العلم.