للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ضرورة التربية لمواجهة المحن والفتن]

ثامن عشر: إن التربية ضرورية عند المحن عند حصول التمحيص عند نزول الفتنة التربية ضرورية للتخلص من الاستعجال وكبح جماحه، وضبط الحماس الزائد التربية ضرورية في معترك الأحداث الراهنة.

بعض الناس يقول عندما يرى المد العامي الهادر: جاء نصر الله، وعندما يرى هذه الجموع يقول: إن الإسلام قد انتصر في المعركة، ولكن حقيقة هذه الجموع التي تجمعهم كلمة ويفرقهم جندي، لا تغتر بها إذا وقعت المحنة، ونزلت الفتنة، هذه الدعوات التي كان لها أتباع بالملايين لما نزلت المحنة من الذي بقي ومن الذي صمد؟ كثيرٌ من هؤلاء المستعجلين يقولون: ادفعنا إلى المواجهة فنحن على استعداد، ونحن نذكر لهم في هذه المناسبة قصة طالوت ومن معه من بني إسرائيل:

الجواب

=٦٠٠٠٢٥٢> أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلأِ مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكاً نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلَّا تُقَاتِلُوا قَالُوا وَمَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلَّا قَلِيلاً مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ * وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكاً} [البقرة:٢٤٦ - ٢٤٧] جاءت المنازعات {أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمَال} [البقرة:٢٤٧] وبعد الرد والمناقشات والإقناع هدئت الأمور، قال لهم طالوت بعد أن جيَّش الجيش وسلحه إلى المواجهة، نحن على استعداد، نريد أن نقاتل، قال لهم: {إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ} [البقرة:٢٤٩] لما جاء التمحيص شربوا منه إلا قليلاً منهم، سبحان الله!! هذه الجموع الغفيرة وهذه الكثرة الكاثرة لما جاءوا على النهر، ولم يبتدئ القتال، ما فيها سيوف ولا دماء ولا أشلاء ولا جراح ولا شيء، هذا النهر فقط {إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ} [البقرة:٢٤٧] ما الذي حصل؟

الجواب

=٦٠٠٠٢٥٣> فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلاً مِنْهُمْ} [البقرة:٢٤٧] وبعدما جاوزوا النهر ورأوا الجيوش {قَالُوا لا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ} [البقرة:٢٤٧] هؤلاء الذين صمدوا في فتنة النهر {قَالُوا لا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُو اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ} [البقرة:٢٤٩] فانظر كم مرحلة من مراحل النخل والتمحيص مرت بهذا الجيش من بني إسرائيل، وكم صمد في النهاية، لكن الذين صمدوا هم الذين كتب الله على أيديهم النصر والتمكين {فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُدُ جَالُوتَ} [البقرة:٢٥١].

فإذاً: عندما نتذكر معركة حنين {وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ} [التوبة:٢٥] من الذي رجع وقاتل مع الرسول صلى الله عليه وسلم؟ هم الذين ناداهم وقال: يا أصحاب بيعة الشجرة! يا أصحاب بيعة الرضوان! فجاء هؤلاء الأنصار والمهاجرون ورجعوا، أما الناس الذين التحقوا بالجيش وهو يمشي مع الكثرة الكاثرة فقد شردوا ولم يرجعوا إلا لاقتسام الغنائم.

إذاً: هذه التربية المهمة جداً، للإعداد للمواجهة إعداد للمحنة إعداد للفتنة إذا نزلت، نسأل الله ألا يفتننا.