بعد هذه الرسالة في تبيان ما ينبغي أن يكون عليه الخلف من التمسك بطريقة السلف؛ طريقة وفد عبد القيس الذين اتبعوا السنة، وما كانوا عليه من إقامة الدين وشعائره، ننطلق بعد ذلك إلى هذه المحاضرة.
كنت أريد أن أتكلم في موضوع الأمراض، ولكن رأيت أن موضوعها طويل، وأن الكلام يمكن أن يكون أهم إذا تكلمنا في أصل الأمراض ومرض الأمراض؛ لأننا -أيها الإخوة- إذا نظرنا إلى الأعراض المرضية الموجودة لوجدنا أنها منبثقة عن خللٍ في الأساس، فنتكلم في المرض الأساسي وهو مرض الخلل في التصورات؛ لأنه ما من ذنب أو انحراف يقع فيه الناس إلا وهو ناتجٌ عن فساد في التصورات أو خلل فيها أو غيابٍ تغيب عن الأذهان أو جهلٍ بها، هذه التصورات والقواعد الشرعية الجهل فيها هو سبب ما نراه من النفاق والكذب والكبر والعجب والحسد وغير ذلك من الانحرافات الكثيرة الموجودة في الواقع، وكل تصورٍ خاطئ يؤدي إلى سلوكياتٍ منحرفة، والسلوكيات المنحرفة تكون نتيجة غياب التصور الصحيح أو انحراف التصور أو نقص التصور أو الغبش الموجود في التصور في عقول وأذهان كثيرٍ من الناس، ولذلك قبل تغيير السلوك ينبغي أن نغير التصور الذي هو أساس الأمراض.