وقد يشغله الشيطان بوسوسته في النية عند الصلاة في المسجد في الصف، حتى تفوت عليه التكبيرة الأولى، وربما فاته ركن أو أكثر، ومنهم من يحلف بالله ألا يعود إلى هذا ويكذب ويعود.
وقد كان هناك رجل شديد التنطع في التلفظ بالنية والتقعر في ذلك، فاشتد به التقعر والتنطع إلى أن قال مرة وهو حاضر في الصف، حيث كبر الناس وهو حاضر الآن يجمع النية، ويقول: أصلي أصلي أصلي ويعيدها عدة مرات، صلاة صلاة صلاة الظهر الظهر الظهر، جماعة جماعة جماعة، أداءً -يعني: ما هو قضاء- لا بد هذه العبارة تأتي بالكامل عند هؤلاء المبتدعة الذين يتلفظون بالنية وإذا صار موسوساً بعد فكيف ستكون العبارة، تكون شبراً فتصبح ذراعاً، فقال: أصلي أصلي أصلي، صلاة، صلاة، صلاة، الظهر، قال: أداءً بدأ يقول أداءً قال: فأعجم الذال وضع عليها نقطة قال: أذاءً، ولا بد أن يقول أداءً لله، وكان يصلي بجانبه شخص فما تمالك نفسه فقطع الصلاة فقال: إيذاءً لله ولرسوله وملائكته وجماعة المصلين.
وقد بلغ الشيطان منهم أن عذبهم في الدنيا وأخرجهم عن اتباع النبي صلى الله عليه وسلم فعلى من أراد النجاة من هذه الوسوسة أن يسلك سبيل رسول الله صلى الله عليه وسلم ويدع سبيل الشيطان، قال أحد السلف يوماً لابنه: يا بني! اتخذ لي ثوباً ألبسه عند قضاء الحاجة، فإني رأيت الذباب يسقط على الشيء ثم يقع على الثوب، نخصص ثوباً خاصاً بالمرحاض، إذا جاء الذباب على هذا الثوب وكان قد وقع على العذراء نفسخ الثوب بعد المرحاض ونصلي في ثوب نظيف، ما عليه من آثار الذباب، ثم انتبه فقال: ما كان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، ما كان لهم إلا ثوب واحد يقضون به حاجتهم ويصلون.
فتبين أن التفكير في قضية النجاسة التي يأخذها الذباب برجليه عندما يسقط على الثوب، ويضع فاصلة صفر صفر واحد من النجاسة أن هذا لا شك من أنواع الوسوسة الواضحة.
قال ابن القيم رحمه الله: قال شيخنا ابن تيمية: ومن هؤلاء من يأتي بعشر بدع لم يفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه واحدة منها -عند النية في الصلاة- فيقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، نويت أصلي صلاة الظهر فريضة الوقت أداءً إماماً -أو مأموماً- أربع ركعات مستقبل القبلة ثم يزعج أعضاءه ويحني جبهته ويقيم عروق عنقه، ويصرخ بالتكبير كأنه يكبر على العدو، ولو مكث أحدهم عمر نوح يفتش هل فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم أو أحد من أصحابه شيئاً من ذلك لما ظفر به، فأهل الوسواس قرة عين خنزب وأعوانه، وخنزب هو شيطان الصلاة.
وكذلك الوسواس في انتقاض الطهارة، فإن الشيطان يشكك الإنسان خرج منه ريح، خرج، ما خرج، خرج شيء بسيط، خرج لكن فيه ماء، وهكذا قال صلى الله عليه وسلم مبيناً العلاج:(إذا وجد أحدكم في بطنه شيئاً فأشكل عليه أخرج منه شيء أو لا فلا يخرج من المسجد حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً) رواه مسلم.
والشيطان يتلاعب بالشعيرات في مقعدة ابن آدم ليوهمه أنه خرج منه شيء وليس كذلك، فقد أخبر عليه الصلاة والسلام بهذا التلاعب وأن هذا من كيد الشيطان، ومن علاج الوسواس في الطهارة أن ينضح فرجه وسراويله مما يلي الفرج بالماء إذا بال، كما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم.