ولاشك أن من الأسباب المشتركة بين حب الرئاسة وحب الظهور: الإعجاب بالنفس، يعني من الدوافع: الإعجاب بالنفس: عن ابن عمر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ثلاثٌ مهلكات وثلاثٌ منجيات، وثلاثٌ كفارات وثلاثٌ درجات، فأما المهلكات: فشحٌ مطاع، وهوى متبع، وإعجاب المرء بنفسه) فمن المهلكات إعجاب المرء بنفسه فيرى لنفسه من الميزات والفضائل، وذلك من وسوسة الشيطان، ويرى أنه صاحب فضل، وأنه صاحب ميزة، أنه إنسان شريف، إنسان صاحب قدرات، يتوهم هذا، ولابد أن ينشر فضله في العالمين.
وكذلك من أسبابه: الرغبة في ثناء الناس، وإرادة المنزلة عندهم، ومن أسبابه أيضاً: التربية الخاطئة في البيت أو المجتمع كأن يُقَدِّم ويُثْنَى عليه في حضوره وليس بذاك، فيتوهم أنه فعلاً إنسان مهم، ويتصرف بناءً على هذا الأساس، ومن الأسباب القريبة من هذا أن يبتلى بأناسٍ أحداثٍ أغرار، يضعونه في غير موضعه ويرفعونه ويقولون: شيخنا المبجل، وقال شيخنا، وهو ليس بشيخ.
والواقع -أيها الإخوة- الواقع السيئ يساعد على الشهرة والرئاسة، الناس إذا جهلوا العالم والعلماء الحقيقيين، فالعلماء العارفون ندرة.
خلا لك الجو فبيضِي واصفري ونقري ما شئت أن تنقري
ويتكلم أي واحد من الدهماء والرويبضة ينطق في أمور العامة، والواحد يبرز بسرعة من الجهال، ويدرس ويجلس إليه ويستفتى ويفتي، والناس في حاجة، المجتمع أحياناً يساعد على بروز هذه النوعية، ويقال: فلان والمحاضر فلان المؤلف فلان وكثيرٌ منهم أئمة ضلالة، فما أسهل مهمة الأعور الدجال في هذه الأمة!