للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[عداوة اليهود والنصارى للمسلمين]

الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.

عباد الله: المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً، ويألم المؤمن لأهل الإيمان كما يألم الرأس لما في الجسد، ويسمع المؤمنون في هذه الأيام ما أصاب إخوانهم المسلمين في الأرض، فيتألم كل صاحب دين، ويكون في قلبه من الحزن على إخوانه المسلمين الذين وقع لهم ما يندى له الجبين من المصائب العظيمة التي تقض المضاجع، والتي يرتاع لها فؤاد المسلم مما أصاب إخوانه.

وفي هذه والأحداث الذي يجريها الله سبحانه وتعالى بقدره وقفات فوائد {وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَراً مَقْدُوراً} [الأحزاب:٣٨].

ومن ذلك أيها الإخوة: أولاً: أن نعلم حجم العداوة التي انطوت عليها قلوب الكفرة للمسلمين، التي ذكرها الله لنا في كتابه بقوله سبحانه وتعالى: {إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوّاً مُبِيناً} [النساء:١٠١] وقال عز وجل: {لا يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآياتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ} [آل عمران:١١٨].

يحذر تبارك وتعالى عباده المؤمنين من اتخاذ المنافقين بطانةً، وذكر أنهم لا يألون المؤمنين خبالاً، أي: يسعون في مخالفتهم وما يضرهم بكل ممكن، وبما يستطيعون من المكر والخديعة، ويودون ما يعنت المؤمنين ويحرجهم ويشق عليهم، ثم قال عزَّ وجلَّ: {قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ} [آل عمران:١١٨] أي: قد لاح على وجوههم وفلتات ألسنتهم من العداوة، مع ما هم مشتملين عليه في صدورهم من البغضاء للإسلام وأهله، ما لا يخفى مثله على لبيبٍ، ولهذا قال تعالى: {قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآياتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ} [آل عمران:١١٨] وقال تعالى: {وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً} [النساء:٨٩] فهذا ما في قلوبهم على الإسلام وأهله، ولو كان بينهم اختلافات فإنهم يجتمعون على حربنا.