وقد كان سلفنا رحمهم الله فيهم من هذه الخصلة شيءٌ كثير، فمن فراسة الصديق حديث عائشة رضي الله عنها قالت:[نحلني أبو بكر رضي الله عنه الجذاذ عشرين وسقاً من ماله بـ العالية] له نخل شجر منحها جذاذ عشرين وسقاً، الجذاذ: الحصاد أو القطف الذي يحصل للثمر، ولم تقبضه عائشة وحضرت أبا بكر المنية وهبها إذا خرج الثمر يعطيها جذاذ عشرين وسقاً، فلما حضرته المنية حمد الله تعالى وأثنى عليه، ثم قال:[با بنية! إن أحب الناس إلي غنىً أنتِ وأعزهم عليّ فقراً أنتِ وإني كنتُ نحلتك جذاذاً عشرين وسقاً من مالي بـ العالية -منطقة معروفة في المدينة وفيها نخلٌ جيد- وإنك لم تكوني قبضتيه ولا حوزتيه -ومتى تلزم الهبة؟ بالقبض: بما أنها ما قبضته فلا زال في ملك أبيها، وإنما هو مال الورثة- إذا مت الآن لن يكون من نصيبك ما قبضته بعد، فسيكون من مال الورثة، وإنما هما أخواك وأختاكِ؛ -الورثة- قالت: فقلت: فإنما هي أم عبد الله -تعني: أسماء؛ يعني: أخواي عرفتهما، وأختاي مالي إلا أخت واحدة أسماء فمن الأخت الأخرى؟ - قال: إنه ألقي في نفسي أن في بطن بنت خارجة جاريةً] وبنت خارجة: هي زوجة أبي بكر الصديق، وهكذا حصل وصار لـ عائشة أختٌ أخرى وورثت معها.