وعندما يكبر هذا الولد ويترعرع مع تأثيرات المجتمع الفاسدة المنحلة وعدم التربية تخرج منهم أمثال العبارة التي سأقولها لكم في هذه القصة المدهشة، التي تنطوي على هذه العبارة المدهشة، التي تحتاج إلى تفكير طويل حتى تعلم كيف انبعثت! الأب والأم والولد أمام الشاشة، خرجت الممثلة بصورتها الفاتنة الجميلة، وهم ينظرون، والولد يحملق في الشاشة ويبحلق، وعندما ظهرت صورة تلك المرأة في غياب عقله-الآن هو غائب في المنظر- انطلقت منه الكلمات وهو ينظر في وجه المرأة الفاتنة، فيقول: كم تعب ربنا حتى خلقك؟! انظر إلى هذا الحالم والغائص في المسلسل، فهو يفكر الآن في المسلسل وفي المرأة وينظر إليها، وقد يكون نسي أن أباه وأمه بجانبه، سبحان الله! هذه العبارة الواحد يقف أمامها حائراً، الولد في مرحلة المراهقة، ويتساءل: كم تعب الله إلى أن خلق هذه المرأة! وهذه ما قالها شخص شيوعي ملحد، بل قالها واحد من أبناء المسلمين الذين يعيشون هنا.
عقيدة غير موجودة، وأخلاق غير موجودة، عفة لا توجد، احترام الله عز وجل أمر معدوم، تعالى الله عن هذا الكلام علواً كبيراً، اليهود لعنوا لأنهم قالوا: إن الله خلق العالم في ستة أيام ثم استراح يوم السبت، انظر اليهود يقولون: الله خلق الدنيا كلها السماوات والأرض في سنة أيام ثم استراح يوم السبت، وهذا الآن يقول: كم تعب؟ أليست مقالته أسوأ من مقالة اليهود الذين لعنوا؟! ويواجه بعض الأباء في بيوتهم في هذه المجتمعات تطورات عجيبة من قبل الأبناء طبعاً؛ لأن التربية إذا أهملت من البداية، وخرج الولد وعايش رفقاء السوء في المدرسة كيف تصلحه وقد كبر وتكونت شخصيته؟ فهو يتمرد الآن، ويفوت قطار الإصلاح في كثير من الأحيان.
رجل يشتكي، ويقول للشيخ ابن باز: عندي أولاد لا يصلون أبداً، نصحتهم وكلمتهم ووعظتهم وشتمتهم ولا فائدة، ماذا أفعل؟ كثير الآن من الآباء يقولون ويشتكون مثل هذه الشكوى.
فيقول الشيخ حفظه الله: انصحهم، فإذا بلغوا عشراً يضربهم إلى البلوغ، أما عند البلوغ فلا ينفع الضرب بعده، فالضرب عند البلوغ لا يورث إلا أحقاداً، وربما رد الولد بالصاع صاعين على أبيه، وكم تسمع من أولاد يقول أحدهم -بحنق وغلظة عبارات على أبيه- كنت أريد أن آخذ الكرسي وأضربه، أو آخذ العقال وأضربه، وأعلمه ألا يمد يده عليّ، إذا بلغوا ولم يستقم أمرهم فيبلغ بهم من يقيم عليهم حد الردة -القتل- إذا لم يصلوا، وإن لم يستطع يخرجهم من بيته.
وهذا الكلام يستثنى منه إذا كان إخراجهم من البيت يؤدي إلى مشاكل أكبر، وإلى وقوعهم وأن تسوء أحوالهم أكثر وأكثر، فعند ذلك لا يكون من الحكمة إخراجهم من البيت، لكن إذا كان إخراجهم من البيت سيدفعهم ويضطرهم إلى الرجوع إلى البيت وهم يصلون، لأنهم لا يجدون مأوى ولا مصروف، فيجب على الأب أن يطردهم من البيت، وألا يؤوي في بيته أناساً لا يصلون.
فإذا استنفذ الجهد والطاقة والوسع، ونصح وتكلم وليس هناك فائدة، وكان إخراجهم أقل ضرراً من بقائهم، وكان إخراجهم لا تترتب عليه مفسدة أكبر من بقائهم، فإنه يجب أن يخرجهم من البيت، ولو كانوا أولاده من صلبه.