هناك ظاهرة خطيرة لا بد أن يفرد لها مجالات للنقاش وهي ظاهرة التعالم، ظهور أناس على السطح ليسوا بعلماء يدعون العلم فيضلون الناس، وينشرون الكتب ويقيمون المحاضرات في الفتاوي ويقررون أشياء خطيرة، في مسائل مهمة واقعية للناس في هذا العصر ولشيخنا بكر بن عبد الله أبو زيد رسالة مهمة سوف تظهر إن شاء الله عن ظاهرة التعالم وأثرها السيئ في العالم الإسلامي، لذلك أيها الإخوة كان لا بد من سؤال أهل الاختصاص.
العلماء الآن ليسوا على مرتبة واحدة في جميع درجات وأنواع العلوم، فبعضهم يحسن شيئاً لا يحسنه الآخرون، ويفقه في أشياء من العلم لا يفقه فيها العالم الآخر مثله، لذلك دع كل صانع وصنعته، لا بد من اللجوء إلى أهل الاختصاص، فعندما يكون عندك حديثاً لا تعرف حاله اذهب للعالم بالحديث واسأله عنه، ولا بد إن كان في مسألة فقهية تحتاج إلى فقه اذهب إلى رجل مشهور بالفقه واسأله، وإن كان هناك مسألة أصولية اذهب لأهل الاختصاص في الأصول واسألهم، وإن كان هناك مسألة تتعلق بالواقع المعاصر والمذاهب الهدامة، فاذهب إلى العالمين بقضية المذاهب الهدامة وخطرها على الناس، أو ما يتعلق بالواقع المعاصر واسألهم، فليس كل أحد يجيد أي شيء، وهذا واضح، هذا الكلام الذي أقوله ليس بدعاً، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم دل في كلامه على بعض أحوال الصحابة في أشياء تشبه هذا، فمن قوله مثلاً: قال: (أرأف أمتي بأمتي أبي بكر، وأشدهم في أمر الله عمر، وأصدقهم حياءً عثمان -إلى أن قال- وأفرضهم زيد بن ثابت، وأقرأهم أبي بن كعب، وأقضاهم علي، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل) لذلك يسبق العلماء برتوة يوم القيامة، رمية سهم.
فالصحابة كان عندهم تخصص، فمنهم من برع بالفرائض، ومنهم من برع بالحلال والحرام، ومنهم من برع بالقضاء والفصل في الخصومات بين الناس، ومنهم من برع بعلم القراءات، فلا بد من الذهاب إلى أهل الاختصاص قدر الإمكان.