[أبواب متفرقة في الصدقة]
قال صلى الله عليه وسلم: (على كل سلامى من ابن آدم في كل يوم صدقة، ويجزي عن ذلك كله ركعتا الضحى) وقال مبيناً ذلك في الحديث الصحيح الآخر: (في الإنسان ستون وثلاثمائة مفصل، فعليه أن يتصدق عن كل مفصل منها صدقة) حق الله في هذه المفاصل التي أنعم بها علينا يجب علينا في كل يوم صدقة عن كل مفصل، فكيف يا ترى نحصل ثلاثمائة وستين صدقة في اليوم لكي نقوم لله بشكر نعمة هذه المفاصل؟ فقال صلى الله عليه وسلم رافعاً هذا الحرج: (النخاعة في المسجد تدفن -هذا البلغم والأذى والبصاق المتجمع في جدران المسجد أو في أرضه أو في بابه تحكه فتنظف المسجد منه- ذلك صدقة، والشيء تنحيه عن الطريق صدقة).
وقال عليه الصلاة والسلام: (يصبح على كل سلامى من ابن آدم صدقة، تسليمه على من لقيه صدقة، وأمره بالمعروف صدقة، ونهيه عن المنكر صدقة، وإماطة الأذى عن الطريق صدقة، وبضعه في أهله صدقة، ويجزئ من ذلك كله ركعتان من الضحى) (فكل تسبيحة صدقة -كما في رواية- وكل تحميدة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وأمرٌ بالمعروف صدقة، ونهيٌ عن المنكر صدقة، ويجزئ من ذلك ركعتان تركعهما من الضحى) وقال صلى الله عليه وسلم: (ابن آدم ثلاثمائة وستون مفصلاً، على كل واحدٍ منها في كل يوم صدقة، فالكلمة الطيبة يتكلم بها الرجل صدقة، وعون الرجل أخاه على الشيء صدقة -لو أعنته على فتح قارورة لا يستطيع فتحها كان ذلك منك صدقة- والشربة من الماء يسقيها صدقة، وإماطة الأذى عن الطريق صدقة).
وقال صلى الله عليه وسلم مبيناً أيضاً: (كل سلامى من الناس عليه صدقة -على كل مفصل صدقة- كل يوم تطلع فيه الشمس؛ تعدل بين الاثنين صدقة، وتعين الرجل على دابته فتحمله عليها أو ترفع له عليها متاعه صدقة -وضعك المتاع في سيارة أخيك ومساعدته في حملها على دابته صدقة- والكلمة الطيبة صدقة، وكل خطوة تخطوها إلى الصلاة صدقة، ودل الطريق صدقة، وتميط الأذى عن الطريق صدقة).
من أبواب الصدقة: التكبير وسبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله وأستغفر الله، ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، ويعزل الشوك عن طريق الناس والعظم والحجر، وتهدي الأعمى، وتسمع الأصم والأبكم حتى يفقه، تشير له تفهمه حتى يفهم ما يريد، وتدل المستدل على حاجة قد علمت مكانها، لو سألك عن دكان خبزٍ فدللته عليه صدقة، وتسعى بشدة ساقيك إلى اللهفان المستغيث، وترفع بشدة ذراعيك مع الضعيف، كل ذلك من أبواب الصدقة منك على نفسك، ولك في جماع زوجتك أجرٌ: (أرأيت لو كان لك ولدٌ فأدرك ورجوت أجره فمات، أكنت تحتسب به؟ فأنت خلقته، فأنت هديته، فأنت ترزقه، فكذلك فضعه في حلاله وجنبه حرامه، فإن شاء الله أحياه وإن شاء أماته، ولك أجر) رواه الإمام أحمد وهو حديث صحيح.
وقال صلى الله عليه وسلم: (يصبح على كل سلامى من أحدكم في كل يوم صدقة، فإنه بكل صلاة صدقة، وصيام صدقة، وحج صدقة، وتسبيح صدقة، وتكبير صدقة، وتحميد صدقة، ويجزئ أحدكم من ذلك ركعتا الضحى).
فإذا أردت أن تعرف كيف تحصل ثلاثمائة وستين صدقة في اليوم، وهو حق الله في هذه المفاصل فارع سمعك لهذه الأبواب المتعددة التي يذكرها محمدٌ صلى الله عليه وسلم.
هؤلاء الفقراء من المسلمين قالوا: (يا رسول الله! ذهب أهل الدثور بالأجور -أهل الأموال ذهبوا بالأجر- يصلون كما نصلي ويصومون كما نصوم ويتصدقون بفضول أموالهم) -لقد تفوقوا علينا بالأموال يتصدقون منها فيؤجرون ونحن فقراء، كيف نفعل لاستدراك ما فاتنا وتعويض النقص الذي عندنا في هذا الباب من أبواب الأجر؟ فماذا قال لهم صلى الله عليه وسلم؟ فقال عليه الصلاة والسلام: (أوليس قد جعل الله لكم ما تصدقون به؟ إن بكل تسبيحة صدقة، وبكل تكبيرة صدقة، وبكل تحميدة صدقة، وبكل تهليلة صدقة، وأمرٌ بالمعروف صدقة ونهيٌ عن المنكر صدقة، وفي بضع أحدكم صدقة، قالوا: يا رسول الله! أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجرٌ؟ قال: أرأيتم لو وضعها في الحرام أليس يكون عليه وزرٌ، فكذلك إذا وضعها في الحلال يكون له أجر) وجماعك زوجتك أيها المسلم تبتغي إعفاف نفسك وإعفافها، وابتغاء الولد لك صدقة عند الله، وقال صلى الله عليه وسلم: (أمط الأذى عن الطريق فإنه لك صدقة) وقال عليه الصلاة والسلام: (أفضل الصدقة سقي الماء) حديث حسن.
وقال عليه الصلاة والسلام وجاء في الحديث أيضاً: (إن سلامك على عباد الله صدقة) وقال صلى الله عليه وسلم: (على كل مسلم صدقة، فإن لم يجد فيعمل بيده فينفع نفسه ويتصدق، فإن لم يستطع فيعين ذا الحاجة الملهوف، فإن لم يفعل فيأمر بالمعروف) هذا كله من أبواب الصدقات.
وقد كانت أمنا زينب أم المساكين تعمل بيدها لتتصدق، فقال عليه الصلاة والسلام: (أسرعكن لحاقاً بي أطولكن يداً) فكانت زينب رضي الله عنها أول من لحق به من أزواجه.