للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[علاج الشخصيات الهزلية]

السؤال

أنا شاب عرف عني الهزل بين الشباب، فما جلست مجلساً إلا ابتليت بداء التعليق، وقد حاولت جاهداً أن أزيلها ولكني وجدت أن الأمر أصبح عادة ولا أستطيع تركها فأرشدني؟

الجواب

الشخصيات الهزلية دليل على خلل في الشخصية، وهذه الطبيعة لها أسباب منها: أن يكون قد نشأ على ذلك في بيته وأهله، فهم كلهم هزليون، وكل مسألة فيها ضحك ونكت، وما هي آخر نكتة؟ إضافة إلى تربية المدارس والفصول والطلاب مع بعضهم البعض، والناس في الدوائر والوظائف فتجدهم يبحثون عن آخر نكتة، فهذا مما يربي الهزل، وكذلك بعض النفوس -لهذه الشخصيات- عندها قدرة على إضحاك الآخرين، فبعض الشباب -مع الأسف- بدلاً من أن يساعدوا أخاهم الهزلي على أن يتخلص من هزليته، يجعلون الفرصة متاحة له أن يكمل فيها هزليته أكثر؛ ولذلك كلما جاء بحركة ضحكوا، كلما جاء بنكتة ضحكوا، وكلما جاء بتعليق أغرقوا في الضحك، فيحس أن له قبولاً بينهم، ولذلك فهو يكثر منها، ثم إن بعضهم قد يقصده للضحك، يذهب إليه يقول له: ما عندك آخر شيء وآخر كذا، وهذا من هنا ينغز، وهذا من هنا، أي: يجعلون فيه مداخل من أجل استجلاب ما عنده من الحركات المضحكة والكلام المضحك، وهذا من خطأ الذين حوله، فهناك مسئولية ملقاة عليه وهي: أولاً: ألا يكذب؛ لأنه ويل لمضحك القوم (ويل لمن يكذب ليضحك به القوم).

وثانياً: ألا يتخذ الإضحاك نفسه ميزته وأن يكون مضحك القوم، فهذه ميزة سخيفة وليست في الحقيقة تقضي على كل جانب جدي في شخصيته، وكيف يتقبل الناس منه علماً حتى يقول: واحد هذا إذا نصحني، والله ما أدري هذا فعلاً سامعها من شيخ أو هذه من ألاعيبه؛ بسبب أنه تكونت عنه فكرة أنه شخصية هزلية.

فإذاً لا يكذب ولا يجعل وظيفته مضحكة قوم.

ثالثاً: أنه لا يقهقه أو يأتي بما يجعل الآخرين يكثرون الضحك فيجعل قلوبهم ميتة؛ لأن كثرة الضحك تميت القلب، وعليه أن يجاهد نفسه ويكون جاداً، ويتجنب أن يتصدر المجالس ويتكلم، وما دام أنه لن يقول خيراً ولكن سيضحك الناس فليسكت، وعلى إخوانه ممن حوله أن يساعدوه على التخلص من هذا، ولا أقصد -طبعاً- أن يصل من مرحلة الهزل والضحك إلى مرحلة العبوس، والجمود والتكشير، وإن كان التكشير صار الآن مفهومه بعكس المعنى "إنا نكشر في وجوه أقوام" أي: يتبسم.

على أية حال لا نريد هذه النقلة المعيبة لكن نريد الاعتدال.