كذلك فإن التزام بعض الناس بالإسلام التزاماً غير مؤسس على تقوى من الله ورضوان، سرعان ما يزول، أو يكون بتأثير طاعة من الطاعات أو حدث من الأحداث، فهناك أناس يتغير واقعهم بعد الحج مثلاً، أو بعد العمرة في رمضان، يبكي في الحرم ويدعو، وفي الحج يشعر بتغيرات إيمانية كبيرة في نفسه، فيعود متغيراً، أو مثلاً بعد حادث سيارة، أو مرض خبيث نجا منه فيتغير الشخص، فهو تغير بعد طاعة واحدة أو بعد حادث من الأحداث، لم يستغل التأثر الحادث بعد هذا الحدث وبعد هذه العبادة في تنمية الإيمان في نفسه، وإنما جاءت هذه الدفعة من الإيمان فلا زالت تنقص شيئاً فشيئاً مع مرور الزمن وهو لا يستغل هذا الإيمان الحاصل في نفسه الذي جاء بعد حادث السيارة أو بعد الحج والعمرة، فضعف وضعف وضعف حتى سقط.
إذاً: لا بد من استغلال الفرص والاندفاع والتأثر في لحظات التأثر الأولى؛ لتغذية وتنمية الإيمان في النفس، والمبادرة بالاستمرار لعمل الطاعات والخيرات، ولزوم الرفقة الصالحة حتى يقوى الإيمان، ويصبح على أساسات، لا يصبح مجرد حماسة حدثت بعد حادث ثم انطفأت.
إن انتكاس بعض الناس راجع إلى أن التزامهم بأحكام الدين كان بطريقة فردية، لم تُحط بسياجٍ من الإخوة الإسلامية، وما دامت الشاة بعيدة عن القطيع فإن تسلط ذئاب الشبهات والشهوات عليها يجعلها فريسة سهلة.
إن الحياة الفردية الباردة على شفا جرفٍ هار من الحياة الإسلامية الجماعية التي يغذي بعضها بعضاً، ويدفع بعضها بعضاً، ويحمس بعضها بعضاً، ويستفيد بعضها من بعض، ويكمل بعضها بعضاً.
فاعتقاد الناس أنه يكفيهم الالتزام أو الاستقامة بعيداً عن إخوانهم الآخرين المسلمين اعتقاد خاطئ، وإذا بقي وحيداً فلا بد أن يكون السقوط حليفه يوماً من الأيام ما لم تدركه رحمة الله عز وجل.