ومن أعظم الصلح الصلح بين المسلمين المتقاتلين، لأن إراقة الدماء بين المسلمين من أعظم الكبائر ومما يفرق الصفوف أشد تفريق، ولذلك قال الله تعالى:{وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا}[الحجرات:٩] فهذا أمرٌ بالصلح.
وكذلك فإن الإصلاح بين طالبي الدية في الجراحات مما جاء في السنة، فإن أنساً رضي الله عنه حدث أن الربيِّع بنت النضر كسرت ثنية جارية، اعتدت عليها فكسرت ثنيتها، فطلبوا القصاص فقال أهل الربيِّع: نعطيكم مالاً بدلاً مما فعلته الربيِّع، أو اعفوا عنها وتنازلوا عن طلب القصاص، فأبوا إلا القصاص، فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم، فأمرهم بالقصاص لأنه كتاب الله، فقال أنس بن النضر: أتكسر ثنية الربيِّع يا رسول الله؟! -وكان رجلاً صالحاً من أولياء الله تعالى- لا والذي بعثك بالحق لاتكسر ثنيتها، فقال: يا أنس كتاب الله القصاص، فرضي القوم وعفوا، وفجأة تغير الموقف، فرضي القوم فعفوا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:(إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره).