ومن الأمور الشائنة الحادثة والمعتقدات الباطلة: اعتقاد بعضهم -وخصوصاً في البادية- أنه لو سمى الولد باسمٍ بغيضٍ أو قبيح فإن العين لا تصيبه أو أنه لا يموت صغيراً ونحو ذلك، ولهذا صار بعضهم يسمي أسماء قبيحة كما سمى بعضهم ولده طمث ونحو ذلك والعياذ بالله، وتأمل في حال الولد وهو يُنادى بين الناس بالاسم القبيح ولو كان اسمه غريباً تستك منه الأسماع، فإن الذي يسأله عن اسمه لأول مرة فيقول له: ما اسمك؟ فيقول: فلان فيستغرب السائل ويعيد السؤال، فيقول: ماذا؟ فيعيد المسئول الاسم وهكذا يضل الولد في إحراجٍ بسبب جهل الأب وإعراضه عن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم مما يؤدي في كثيرٍ من الأحيان إلى أن يكره الأبناء آباءهم لأن ذلك الأب قد جر على ولده القبح في مجامع الناس والاشمئزاز منه.
وعلى وجه العموم نختم قضية الأسماء بما ذكره الطبري رحمه الله فقال: لا ينبغي التسمية باسم القبيح المعنى، ولا باسمٍ يقتضي التزكية لهذا الشخص، ولا باسم معناه السب، ولو كانت الأسماء إنما هي أعلامٌ للأشخاص لا يقصد بها حقيقة الصفة ولكن وجه الكراهة أن يسمع سامعٌ بالاسم فيظن أنه صفة للمسمى، ولذلك كان عليه الصلاة والسلام يغير الأسماء القبيحة.
وليعلم أن من الأسماء التي فيها تزكية وقد ذمها أهل العلم ما راج في هذا العصر والعصور السالفة المتأخرة في الإسلام من التسمية بزكي الدين وتقي الدين ونحو ذلك، مثله فخر الإسلام مثلاً فإن هذه الأسماء حادثة في العصور المتأخرة من الإسلام، لا يعرف أن الصحابة ولا السلف الصالح تسموا بهذه الأسماء، ومن العجيب أن هذه الأسماء قد شاعت في الوقت الذي ضعف فيه المسلمون، ولما كان المسلمون أقوياء كانوا لا يحتاجون إلى التسمية بهذه الأسماء ولكن لما صار الضعف حاصلاً صارت عقدة نقصٍ عند الكثيرين فصاروا يسمون زكي الدين وسراج الدين وتقي الدين وفخر الإسلام ونحو ذلك.
وهذا مركب نقص في النفوس دفع إليه الشعور بالضعف، زد على هذا السبب وهو: أن المسألة محدثة مبتدعة، زد عليه: أن فيه تزكية للنفس ومخالفة لقول الله: {فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى}[النجم:٣٢].
وكان من هديه صلى الله عليه وسلم أن يرخم الاسم عند النداء للملاطفة بأن يحذف الحرف الأخير منه مثلاً، ولذلك كان عندما ينادي عائشة يقول: يا عائش! من باب الملاطفة فهذا لا بأس به؛ لأن فيه مداعبة وتحبباً وكما يكون من ينادي فاطمة يا فاطم، ونحو ذلك.