أما بالنسبة للكسوة، فإن بعض العلماء قال: الكسوة مقدرة بنفسها.
وقال الآخرون: هي مقدرة بكفاية الزوجة، مثل ما قالوا في الطعام.
والذين قالوا: إنها تعطَى ما يكفيها، أو تعطَى الكسوة، قالوا: إنها تعطَى كفايتها، بطولها وقصرها، وسمنها ونحفها، وباختلاف البلاد في الحر والبرد، فماذا تحتاج؟ لو كان البلد برداً: إذاً تحتاج إلى كسوة من نوع خاص.
إذا كان البلد حاراً: تحتاج إلى كسوة تناسب الحرارة.
لو كانت المرأة طويلة أو سمينة، هزيلة أو قصيرة: كل امرأة تحتاج إلى كسوة بحسبها.
ولذلك قال بعض أهل العلم: يجب للزوجة على زوجها كسوة في كل سنة مرتين، كسوة صيفية في الصيف، وكسوة شتوية في الشتاء؛ لأنها كما تحتاج إلى الطعام والشراب، تحتاج أيضاً إلى اللباس لستر العورة، ولدفع الحر والبرد، وكذلك يجب لها عليه ما يستر عورتها من الخمار إذا أرادت الخروج، والغطاء، ونحو ذلك.
وعلى الزوج أن يتجمل لزوجته، وأن يعاشرها بالمعروف في مسألة اللباس، ويعطيها من أنواع الثياب التي تحتاج إليها، داخلية وخارجية، وداخل البيت وخارج البيت بالمعروف بما يكفيها، وألا يضيق عليها حتى ربما صارت رثة الثياب، مخرقة الأكسية، وهو لا يعطيها حقها.
فإذاً: الإنفاق عليها في اللباس بحسب حاجتها، وفي المقابل المرأة لا تغالي وتطلب الغالي، ولا تقول: اشترِ من المحل الفلاني بشيء قيمته نصف راتب الزوج أو ربعه، فإنه لا يطيقه، وفي المقابل يكسوها بما يكفيها من اللباس الداخلي والخارجي، وما تظهر به خارج البيت من الخمار، والدرع، والغطاء، والجوارب، وقفازات، فعليه أن يسترها في داخل البيت وخارجه، وعندما تكون في الحر أو البرد وبحسب طولها وقصرها وسمنها ونحفها، فإنها تراعَى في كل هذا، وحراً وصيفاً وبرداً وشتاءً، فإنها بالمقابل لا تغالي في طلب الكسوة، فتقول: اشترِ هذا، واشترِ هذا، ولا يكفيني، وتريد أن تجدد في كل شهر لباساً، وفي كل حفلة فستاناً، وفي كل عرس كذا وكذا، هذا مما لم يأتِ في الشرع، فإن طلبات المرأة من هذا النوع يعتبر إرهاقاً وظلماً للزوج، ولا يجوز لها أن تكلفه ما لا يطيق.
ثم هذه المغالاة وهذه الألبسة الكثيرة جداً التي ربما لا تلبسها في السنة ولا مرة، فبعض النساء عندهن ألبسة لا تلبسها في السنة حتى مرة، وإذا لبست فستاناً لا تريد أن يراها النساء وهو عليها مرة أخرى، وإذا رأينها عليها الفستان مرة ثانية صار عيباً عندها، ولذلك فإنها تكون في هذه الحالة مسرفة، والله يقول:{وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا}[الأعراف:٣١].