تقسيم آخر: الناس في المحبة والقدرة -يقول شيخ الإسلام - أقسام: فمنهم من لهم قدرة وإرادة قوية، عندهم عزم وتصميم وجهد كبير، لكنهم -قال شيخ الإسلام - يستعملون جهدهم وطاقتهم لا في سبيل الله بل في سبيل آخر، إما محرم كالفواحش ما ظهر منها وما بطن، والإثم والبغي بغير الحق، والإشراك بالله، وإما في سبيل لا ينفع عند الله مما جنسه مباح لا ثواب فيه، لكن الغالب أن مثل هذا كثيراً ما يقترن به ما يجعله في سبيل الله أو في سبيل الشيطان، أي: مباح لا ثواب فيه ولا عقاب، لا يستمر، لا يصفو إما أن يصير في النهاية إلى طاعة الله وإما إلى معصيته.
فيقول شيخ الإسلام: هناك أناس عندهم قدرة، وإرادة، وعمل، وعزيمة قوية؛ لكن يسخرونها في الشر، أو في مباحات ليس منها نتيجة في الآخرة، ولا فائدة له قال: ومن الناس مؤمن قوي، قوم لهم إرادة صالحة، ومحبة كاملة لله، فهؤلاء سادة المحبين المحبوبين المجاهدين في سبيل الله، لا يخافون لومة لائم، كالسابقين الأولين من المهاجرين والأنصار الذين عملوا مع النبي صلى الله عليه وسلم في رفعة شأن الدعوة، والذين جاهدوا، وعملوا لله تعالى، وحملوا راية الإسلام، دعوا إلى الله، فتحوا البلاد، ذهبوا شرقاً وغرباً، ضحوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله، عندهم همة وعمل وجهد فرغوه، وأين وضعوه؟ وضعوه لنصرة دين الله عز وجل.
قال: والقسم الثالث: قوم فيهم إرادة صالحة ومحبة لله، لكن قدرتهم ناقصة، من ناحية القدرة على نصرة الدين ناقصة، لكن نيته طيبة، عنده إرادة حسنة.
قال: هؤلاء يأتون بمحبوبات الحق من مقدورهم لكن قدرتهم قاصرة، وما زال في المؤمنين على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعده من هؤلاء خلق كثير، منهم الذين قال النبي صلى الله عليه وسلم فيهم:(إن بـ المدينة رجالاً ما سرتم مسيراً ولا سلكتم وادياً إلا كانوا معكم وهم بـ المدينة، قالوا: وهم بـ المدينة؟! قال: هم بـ المدينة حبسهم العذر) وهؤلاء لهم فائدة عظيمة وهي التي قال النبي صلى الله عليه وسلم فيها: (وهل تنصرون وترزقون إلا بضعفائكم).
هتلر كان عنده مبدأ، هتلر يقول: كيف يكون في المجتمع أناس أصحاب عاهات؟ أي: صاحب عاهة لابد أن نعدمه، نقتله؛ لأنه عالة على المجتمع، فنخلص من ميزانية العجزة الكبار والمرضى! هؤلاء النبي صلى الله عليه وسلم والمبدأ الإسلامي ماذا يقول فيهم؟ (هل تنصرون وترزقون إلا بضعفائكم؟) هذه النوايا الحسنة التي عند هؤلاء لها فائدة عظيمة في المجتمع، تمكين النصر، النصر يأتي من الله لسببين: بسبب الضعيف الخيِّر، هذا الضعيف الخيِّر، أما الذي يلام من هو؟ الذي عنده مشكلة في نيته أو عنده قدرة على نصرة الدين ولا ينصره، عنده قدرة ولا يستعملها.