ما هي صفات عبد الله بن أبي وأصحابه؟ قال تعالى:{وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ}[البقرة:١٤] لقد كان أمراً عجيباً ذلك الذي فعله ابن أبي في الطعن وكشف عورات المسلمين، وإفشاء أسرارهم، والتجسس للمشركين على المسلمين، ونقل أخبار المسلمين والتآمر عليهم، كانوا طابوراً خامساً وصفاً خلفياً، يريدون أن يظهر في المسلمين عورة تنقل إلى الكفار، وثغرة يخبر بها الكفار، واتخذوا مسجد الضرار كفراً وتفريقاً بين المؤمنين، وإرصاداً لمن حارب الله ورسوله، وتستروا بالمسجد، وهو في الحقيقة ضرار للإسلام وأهله، هكذا كانوا يتسترون بالإسلام وهم على الكفر الأكبر، وهكذا فعلوا عندما نصبوا ذلك الصرح ليجعلوه وكراً لمؤامراتهم، حتى لا تنتبه إليهم عيون المسلمين، وكانوا يحرضون الكفار على المسلمين قال تعالى:{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَداً أَبَداً وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ}[الحشر:١١] وهكذا صنع أعداء الله، وهكذا جاملوهم وكانوا في صفهم، قال الله تعالى عنهم:{بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً * الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً}[النساء:١٣٨ - ١٣٩] فكانوا يصانعون اليهود في المدينة ليبتغوا عزة، وإذا كانت الدائرة على المسلمين قالوا: لقد دخلنا في الصف الأقوى قال تعالى: {أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً}[النساء:١٣٩] وقال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ * فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ}[المائدة:٥١ - ٥٢] إنها مسارعة وهرولة، إنها ركض وسعي، يسارعون فيهم، يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة {فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ * وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا أَهَؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خَاسِرِينَ}[المائدة:٥٢ - ٥٣].
لقد كان أولئك المنافقون بقيادة عبد الله بن أبي يتخلفون عن الجهاد الحقيقي، ويصانعون أعداء الله، وكانوا من تخلفهم لا يعدون عدة، ولقد كشف الله أستارهم وأسرارهم وقال:{وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً}[التوبة:٤٦] فلو كانوا يريدون الجهاد حقيقةً لأعدوا عدة الجهاد، ولكنهم لم يعدوها، ولو أرادوا الخروج لأعدوا له عدة، كانوا يتخلفون عن النبي صلى الله عليه وسلم بالأعذار القبيحة، وكذلك فعل عبد الله بن أبي، وكان المسلمون يكتشفون المنافق من وجهه ونصيحته لمن هي، ولذلك قال بعضهم في رجل اتهمه بالنفاق: إنا لنرى وجهه ونصيحته إلى المنافقين، وهكذا كانت سور القرآن تنزل، كالتوبة والمنافقين، والنساء والنور؛ كاشفة لأستار هؤلاء، فإن الله تعالى لم يكن ليترك نبيه دون كشف حالهم، وسميت سورة من القرآن بالفاضحة، لأنها كانت تفضحهم، والعجب كيف كان شعور ابن أبي وغيره من المنافقين والسور تنزل في فضحهم، والله يقول: يقولون، يقولون، وهو كلامهم بالنص، وهكذا كان القرآن ينزل بكلامهم بالنص الذي قالوه سراً، فاطلع الله عليه، فأطلع المؤمنين عليه.
اللهم إنا نسألك البراءة من النفاق، اللهم إنا نسألك البراءة من النفاق، اللهم طهر قلوبنا من النفاق، وأعمالنا من الرياء، وألستنا من الكذب، إنك حي قيوم سميع مجيب، أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.