وقال رحمه الله مضيفاً مطلباً وهو حكم المشي مع الغير: قال الإمام ابن عقيل: من مشى مع إنسانٍ فإن كان أكبر منه وأعلم فعن يمينه، يقيمه مقام الإمام في الصلاة، فهو قد قاس موضعه في المشي على موضع الإمام في الصلاة، وإذا كانا سواءً استحب له أن يُخلي له يساره حتى لا يضيق عليه جهة البصاق والامتخاط فإذا أراد الآخر أن يمتخط ويبصق فلا يكون هو عن يساره.
ومقتضى كلامه استحباب مشي الجماعة خلف الكبير، وإن مشوا على جانبيه فلا بأس كالإمام في الصلاة، يعني يكتنفونه وفي صحيح مسلم في حديث يحيى بن يَعْمُر أنه هو وحميد بن عبد الرحمن مشيا عن جانبي ابن عمر رضي الله عنهما؛ فإذا جاء اثنان إلى عالم اكتنفاه عن يمينه وشماله، وهذا من الأدب معه.
وإذا لم يكن له حاجة بكلام معه فتقديمه من الأدب، لكن عليه أن يحذر من أن يصيبه كبر، فإن ابن مسعود لما خرج أصحابه يمشون وراءه قال:[ارجعوا فإنها ذلةٌ للتابع وفتنةٌ للمتبوع] ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يتواضع ويمشي وراء أصحابه.
وقال عبد القادر رحمه الله تعالى: وإن كان دونه في المنزلة يجعله عن يمينه ويمشي عن يساره وقد قيل: المستحب عن اليمين في الجملة، لتخلى اليسار للبصاق وغيره، وقال مالك بن معوذ: كنتُ أمشي مع طلحة بن مصرف، فصرنا إلى مضيق فتقدمني، ثم قال: لو كنتُ أعلم أنك أكبر مني بيومٍ ما تقدمتك، هذا بعض ما يتعلق بمشي النبي صلى الله عليه وسلم وأدبه.