أيها الإخوة: يقول الشافعي رحمه الله تعالى في تعليقه على تسمية التُجّار بالسماسرة، والسماسرة ليست لغة عربية، قال: سمى الله الطالبين من فضله في الشراء والبيع تُجّاراً، ثم سماهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بما سمى الله به من التجارة بلسان العرب، والسماسرة اسم من أسماء العجم، فلا نحب أن يسمي رجلٌ يعرف العربية تاجراً إلا تاجراً، لا نحب أن نسمي التاجر إلا تاجراً، ولا ينطق بالعربية فيسمي شيئاً بالأعجمية.
وقال شيخ الإسلام رحمه الله: وما زال السلف يكرهون تغيير شعار العرب حتى في المعاملات، وهو التكلم بغير اللغة العربية إلا لحاجة، فمن فقه العالم أن يراعي قضية الحاجة، كما نقل ذلك عن مالك والشافعي وأحمد، بل قال مالك: من تكلم في مسجدنا بغير العربية أخرج منه.
يقول محمد بن أحمد الخوارزمي البيروني: والله لئن أُهجى بالعربية أحب إليَّ من أن أُمدح بالفارسية.
لقد رُميت اللغة العربية بسهام الأعداء والأبناء، فوصفوها بالصعوبة ونعتوها بالغموض والجمود، وحاولوا تهميشها في واقع الحياة، وتباهوا برطانة الأعاجم، وعزف كثير من الطلاب عن دراسة اللغة العربية، وتبرموا من مناهجها الدراسية، وانحدر مستوى مادة القواعد العربية والنحو والصرف، وكثرت الأخطاء في كلام الخطباء والكتاب، حتى أنك لا تكاد ترى رسالة في دائرة أو شركة إذا كتبت بالعربية إلا وهي مملوءة بالأخطاء.
وادُّعي أن اللغة العربية لا تصلح لمواكبة التطور العلمي والتقني، وقال القائلون: ارحموا أولادنا وأطفالنا كيف لا تصلح؟! هل تعجز اللغة العربية عن اختيار اسم لمخترع من المخترعات؟!
وسعت كتاب الله لفظاً وغايةً وما ضقت عن آي به وعظاتِ
فكيف أضيق اليوم عن وصف آلةٍ وتنسيق أسماءٍ لمخترعاتِ
أنا البحر في أحشائه الدرُّ كامنٌ فهل ساءلوا الغواص عن صدفاتي
وقام فريق منا يلوون ألسنتهم بالإنجليزية والأعجمية لتحسبوه من الحضارة والتقدم، وما هو من الحضارة والتقدم في شيء، كيف يفلح قومٌ يتكلمون بغير لغتهم، ويفكرون بغير لغتهم، ويدرسون بغير لغتهم، ويكتبون بغير لغتهم؟!