أيها الإخوة: ما حال كثير من الناس اليوم الذين يعذرون أنفسهم بذنوبهم، ويخاصمون الله تعالى؛ بل إنهم يعذرون العصاة فترى أحدهم إذا رأى رجلاً منغمساً في المعاصي، قال: هذا مسكين معذور! تسلط عليه إبليس شهوته قوية لا يستطيع أن يمنع نفسه، وهكذا.
بل بلغت الوقاحة ببعضهم أنه رأى سارقاً قد قطعت يده، فقال: إنه مسكين أجبره الله على السرقة، ثم قطع يده عليها، هكذا هؤلاء الكفرة القدرية الذين يخاصمون الله تعالى، وسيكون الله خصمهم يوم القيامة.
واعلموا -أيها الإخوة- إن التركيز على هذا الموضوع من الأهمية بمكان؛ لأنه -وللأسف الشديد- قد تطرق الخلل إلى عقيدة كثير من العامة في هذا الأمر.
كثير من العامة إذا جئت تناقشهم يقول: هذا قدر الله ماذا أفعل؟! هذا كتبه الله عليَّ، فما هي حيلتي وما هو ذنبي؟ هذا الخلل خطير جداً في العقيدة، وهذا الخلل قد ينقلك من حظيرة الإسلام إلى دائرة الشرك والكفر.
وهذا الخلل عظيم ينبغي الانتباه إليه اليوم كثيراً، وينبغي لدعاة الإسلام أن يتحسسوا مواطنه في قلوب الناس، ويزيلوا عن أعينهم هذه الأغشية من الشبهات، ويوضحوا عقيدة أهل السنة والجماعة في القضاء والقدر، إيضاحاً شافياً كافياً للناس.
إن الله أعطانا الإرادة، وسهل لنا سبيل الخير، وأنزل علينا الكتب، وأرسلنا إلينا الرسل، وقال:{فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى * وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى * وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ}[البلد:٥ - ١٠].
جعلنا الله وإياكم من أهل طاعته، وأهل طريق الخير والسعادة، ونسأله أن ييسرنا لليسرى، وصلى الله على نبينا محمد.