الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، خلق فسوى، وقدر فهدى، وهو رب الأولين والآخرين، الحي القيوم لا يموت، والجن والإنس يموتون.
وأشهد أن محمداً رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين، وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
عباد الله: إن ما وقعت فيه هذه الأمة من الشرك في مسألة التبرك أمر خطير جداً، وهو منتشر في بلاد المسلمين في طولها وعرضها، لا يكاد يَسْلم منه أحدٌ إلا الموحِّدين، الذين عرفوا الله تعالى ووحدوه، الذين تعلموا هذه الشريعة، وعرفوا معنى الاتباع ومعنى الابتداع، وعرفوا النهي عن الغلو، فاجتنبوا الغلو.
كان أهل الجاهلية قبل البعثة يطلبون البركة من أصنامهم، وكان لهم دار في مكة فيها صنم يعبدونه، فإذا أراد أحدهم السفر كان آخر ما يصنع قبل أن يخرج من منزله أن يتمسح بذلك الصنم، وإذا قدِم من سفر تمسح به كذلك، يرجو البركة بانتقال البركة من هذا الصنم إلى اليد، ويزعمون أن أول ما كانت عبادة الحجارة في بني إسماعيل، أنه كان لا يظعن من مكة ظاعن ولا يرحل راحل إلا حمل معه حجراً من حجارة الحرم، فحيثما نزلوا وضعوها، فطافوا حولها.