أيضاً من هذه الآثار السيئة: تعليم الناس أشياء لا تثبت؛ مثلاً في حفظ القرآن الكريم: أكثر الناس يتفلت منهم القرآن ويحتاجون إلى مراجعته دائماً، ومع ذلك فهو يتفلت، فيريد الناس وسيلة سهلة لحبهم السهل، يقول: المراجعة شيء صعب، كل يوم مراجعة! ما هو الحل؟ يأتيك الجواب، والله -يا أخي! - يوجد حديث يجعلك لا تنسى القرآن، ما هو هذا الحديث؟ يقول: يا أخي! يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (إذا جاءت ليلة الجمعة فصل أربع ركعات واقرأ في الأولى الفاتحة ويس، وفي الثانية الفاتحة والدخان، وفي الثالثة الفاتحة والسجدة، وفي الرابعة الفاتحة وتبارك، فإذا فرغت من التشهد فاحمد الله وقل كذا وكذا لا تنسى ما حفظته) فالناس يريدون هذه الأشياء، يريدون شيئاً سهلاً يوفر عليهم تعب المراجعة، فيقوم المسكين فيعمل بهذا الحديث، مثلاً حديث مسح العينين بباطن الأنملة من السبابتين عند قول المؤذن: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله، تجد بعض الناس يفعل هذا، ومع ذلك يفعلونها، فهل ثبت هذا الكلام عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ إذاً كيف نعمله؟! كيف نستبيح لأنفسنا أن نعمل أشياء في العبادات لم تثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم، أو أن ندعو بما لم يثبت مع الأدعية الواردة والأذكار، إذا قامت الصلاة قالوا: أقامها الله وأدامها، إذا قال:{إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}[الفاتحة:٥] قالوا: استعنا بالله، إذا توضأ، قالوا: زمزم، إذا صلى ثلاثاً، قالوا: تقبل الله، وإذا قالوا: حرماً، قال: جمعاً، أين وردت هذه؟ وأين هي موجودة؟ ويواظب الناس عليها! ولو جئت الآن تقول: لا.
فيقول: كيف؟ أنا أدعو له أن يصلي في الحرم وأن يتوضأ بماء زمزم ما فيها؟! فيها أنك الآن تبتدع في الدين، وأنك تقول أن الدين غير كامل، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم ما عمل الأفضل، وجئنا الآن واكتشفنا الأفضل فنحن نعمل به!! وهذا كثير، يقول: الفاتحة على روح فلان! فتقول له: يا أخي! الرسول صلى الله عليه وسلم في حديث صحيح يقول: (إذا مات واحد) فيقاطعك: الفاتحة على روح فلان؟! إذاً: لماذا نأتي بأشياء من جيوبنا ثم نطبقها في الواقع؟ أدعية على مدى الأيام؛ دعاء يوم السبت، ودعاء يوم الأحد، ودعاء يوم الإثنين، ودعاء يوم الثلاثاء، ودعاء يوم الأربعاء، ودعاء يوم الخميس، ودعاء يوم الجمعة، والصلوات؛ صلاة يوم السبت، وصلاة يوم الأحد! ومن الكتب المشهورة في هذا كتاب: الدعاء المستجاب الذي يقول عنه الشيخ/ عبد العزيز حفظه الله: مؤلفه حاطب ليل، يأتي من كل مكان يجمع ما هب ودب، والكتاب منتشر، والمشكلة أن الاسم ملفت للنظر: الدعاء المستجاب، كل واحد يريد أن يكون دعاؤه مستجاباً، إذاً: اقتن هذا الكتاب وطبق ما فيه!!! بعض الناس يوزعون أيام الأسبوع لمهمات معينة بناءً على أحاديث ضعيفة أيضاً، يأتي مثلاً فيقول: يوم السبت يوم مكرٍ ومكيدة، ويوم الأحد يوم بناءٍ وعرس، ويوم الإثنين يوم سفرٍ وتجارة، ويوم الثلاثاء يوم دم، ويوم الأربعاء يوم نحسٍ مستمر، ويوم الخميس يوم دخول على السلطان وقضاء الحوائج، ويوم الجمعة يوم خطبة ونكاح، انتهت القضية! أي توزيع وأي شيء هذا؟! تجارة ليوم كذا، ونكاح ليوم كذا، توزعت الأعمال وأصبحت جدولاً! لماذا؟ من أين أتى هذا الكلام؟ إنه من حديث موضوع عن الرسول صلى الله عليه وسلم.
الأحاديث في فضل الأزمان والأماكن، ومن فعل كذا في رجب حصل له كذا وكذا، وصيام يوم سبعة وعشرين من رجب، وقيام ليلة خمس عشرة من شعبان، ولا بد أن يصام عند العامة ولا يمكن تركه! من أين جاء هذا؟! لا يوجد شيء صحيح، ولا يوجد مستند شرعي لهذا الكلام.
حتى شم الورود ما سلم من الأحاديث الموضوعة المكذوبة:(من شم الورد الأحمر ولم يصل علي فقد جفاني)(من أراد أن يشم رائحتي فليشم الورد الأحمر) الآن -بالمناسبة- عند بعض الناس إذا أتيت بالبخور ودرت به على المجلس قال: اللهم صل على النبي! فصارت هذه الآن ذكراً محدداً بوقت معين وهو عند البخور! اخترعنا الآن ذكراً محدداً عند شيء معين، عندما يأتي البخور يقول: اللهم صل على محمد، وقد يكون هذا من هذا.
اختراع أصول في الجزاء والحساب ما أنزل الله بها من سلطان، ولا يمكن أن الله يحاسب الناس بناءً عليها:(إن الله تعالى لا يعذب حسان الوجوه) أي أنه: إذا وجد شخص خلقته جميلة فهذا نجاة له من العذاب! (عليكم بالوجوه الملاح فإن الله يستحي أن يعذب وجهاً مليحاً بالنار) قال الشيخ القارئ: فلعنة الله على واضعه الخبيث، فهل هذا المقياس من الممكن أن الشريعة تأتي به؟ شخص ينجو من النار لأن وجهه جميل ولو كان أكفر الناس وأبعدهم عن الشريعة وعن العبادة؟! ومن المعايير الأخرى أيضاً في الحساب:(آليت على نفسي ألا يدخل أحدٌ اسمه محمد أو أحمد النار) فقط لأن اسمه محمد أو أحمد!! لا يدخل النار! أممكن هذا الكلام؟! ألم يوجد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم من المنافقين أخطر شخصيتين: عبد الله بن أبي بن سلول وعبد الله بن سبأ، من أخطر الشخصيات في التاريخ الإسلامي وكل واحد اسمه عبد الله، ليست القضية قضية أسماء، لأن من المنافقين من الذين ينتسبون للإسلام ويتكلمون بألسنتنا من اسمه عبد الله وعبد الرحمن ومحمد وأحمد، ولكنهم يمكن أن يكونوا أشد خطراً على الإسلام من جورج وجوزيف إلى آخره، نعم يوجد هذا.
في الإمامة أحكام فقهية:(يؤم القوم أفقههم بكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا بالسنة سواء فأحسنهم وجهاً) يعني: إذا تساووا نقدم أحسنهم وجهاً، وماذا بعد إلا أن نحول المسجد إلى مسابقة جمال ووجوه، ثم انتخاب ثم ننتخب، واللجنة، والأصوات حتى نخرج أجملهم ثم يصلي بالناس، قبح الله ذلك فعلاً، وهذا موجود وإن لم تكونوا قد سمعتم به فهناك أناسٌ يعملون به، ويتفقهون على هذه الأشياء المبثوثة في المذاهب من الأحاديث الباطلة.
إدخال أمورٍ في الإيمان ليست منه:(حب الوطن من الإيمان) ليس حب الوطن من الإيمان، قد يكون الوطن كافراً، قد يكون الإنسان في بلد كافر، فهل إذا أحب وطنه الذي نشأ فيه ولو كان بلداً كافراً صار هذا من الإيمان؟! هذا غير صحيح.