ونزلوا على الحاج مكي في محطة فقابلهم بالبشر والترحاب، وأكرمهم فدعا له، قال: جزاه الله خيراً، ثم بعد ذلك جاءوا إلى بعض المراكز -يقتربون الآن من مراكز حدودية وتفتيش- قال: ومما سأله عنه أهل قرية الجنينة، تولية المسلم على المسلم إذا كانت صادرة من غير مسلم متغلب، هل هي منعقدة أم لا؟ -متغلب من هو مثلاً: فرنسي أو إنجليزي، إذا ولى مسلماً على مسلم ولاية، هل تنعقد الولاية؟ هل هي شرعاً صحيحة؟ - ومما سألونا عنه صلاة الجمعة في مسجد جديد بناه رجل من أهل البلد في جانب من جوانب البلد، هل يجوز لمن أراد صلاة الجمعة فيه أن يصليها فيه، أو يرسلهم يصلوا في الجامع الكبير الذي هو مسجد الجمعة العتيق؟ ومما سئلنا عنه: الغريب في بلد يريد التزوج فيه ونيته أنه إن أراد العودة لوطنه ترك الزوجة طالقاً في محلها، فهل تزوجه مع نية الفراق بعد مدة، يجعل نكاحه نكاح متعة، فيكون باطلاً أم لا؟ فالمسألة باختصار هل يجوز الزواج بنية الطلاق؟ بدون أن يشرط عليهم ذلك ولا يخبرهم ولا يكلمهم ولا يتفق معهم في العقد ولا شيء، شخص تزوج امرأة بنية أن يطلقها بعد مدة؟ قول جمهور العلماء الجواز، وأنها فرق بين هذا وبين نكاح المتعة، نكاح المتعة نكاح على أجل معلوم بين الزوجين يُذكر في العقد، وبانتهاء المدة ينتهي العقد، أما هذا نية حديثة في النفس غير مخبر عنها ولا متفق عليها ولا هي في العقد، ثم كما يقول الشيخ عبد العزيز في تبين رجحان الجواز، قال: قد يأتيه منها أولاد وقد يرغب فيها، وقد يمسكها ولا يطلقها، وأن الفراق ظني، فقول جمهور العلماء في هذه المسألة: الجواز.
قال: ونزلنا الأبيض بعد ذلك، فنزلنا عند رجل اسمه محمد خير مكثنا في قرية الأبيض ليلتين وصاحبنا الذي نحن في ضيافته، يُرسل لنا في يومينا قبل المغرب قطعة من عصيدة الدخن عليها بعض الإدام، فمرة تركناها وأكلنا من زادنا، ومرة تناولناها، فتذكرت قول الشاعر: