ومن الأمور المهمة الإحسان إلى المدعوين، إن الإحسان إلى المدعوين في كثير من الأحيان هو سبب للهداية، يقول هذا الشخص: قدمت من مدينة أخرى إلى هذه المدينة للعمل، فسكنت مع زملائي -في المنطقة الشرقية - وكنت يومها لا أصلي إلا يوم الجمعة، وبعد حوالي أسبوع واحد على سكني مع زملائي هؤلاء، وجدتهم يشربون الخمر والحشيش، واليوم الذي لا يوجد فيه هذه الأمور نشتري (كلونية) ونشربها، وجلسات غناء وما إلى ذلك، وبعدما انتهت نقودي حصل سوء تفاهم بيني وبينهم، وهذا كثير ما يقع بين أهل الفسق والفجور، لا تدوم مودتهم، وأدركت أني أمشي في نفق مظلم، فاستأذنت، فخرجت من عندهم بعدما صرت لا أملك سوى عشر ريالات، فنزلت الشارع في حرارة الشمس لا أعلم إلى أين أتجه، وكنت قد سمعت من والدي الذي هو إمام جامع حديثاً في خطبة له، يحكي قصة الذي يريد التوبة، فقيل له: اذهب إلى قرية كذا وكذا، فإن فيها أناساً صالحين، فذهبت أنا إلى حي آخر مشياً، فجلست أمام دكان عقار قبل أذان العصر، وفي أثناء الجلوس مرَّ رجلٌ بسيارته، فأوقفها ونزل، وقال لي: ماذا تريد؟ فقلت: أريد صاحب الدكان لأستأجر منه شقة للإيجار، وهي كذبة؛ لأنني لا أعلم ماذا أفعل، وليس عندي نقود أصلاً، فقال لي: معك أحد؟ قلت: لا، قال: اركب، قلت: إلى أين؟ قال لي: عندي غرفة مع حمام ومطبخ في بيتي كانت لسائق، فخذها واسكن فيها، فقلت: ليس لدي مال، قال: لا بأس، فذهبت ووجدتها كما قال، وقال لي: هذا البيت وهذا المسجد أمامك، فنمت إلى صلاة المغرب، وعند الأذان قمت فصليت في المسجد، فبدأت حياتي من تلك اللحظة بالتحسن، وأسأل الله الثبات فيما بقي.
بعض الفسقة يكون عندهم حاجة، يكونون محتاجين، فلا شك أن مساعدتهم من أسباب هدايتهم.