للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أن يكون المدعو مقصوداً بنفسه

ثانياً: أن يخص بالدعوة بنفسه أو يبعث شخصاً، هنا تجب الإجابة، إذا قال لك بنفسه: تعال، أسألك الحضور، أحب أن تحضر، فهنا يجب الحضور، أو أرسل إليك رسولاً منه ببطاقة دعوة لوليمة الزفاف، مرسولاً منه، فعند ذلك يجب الحضور، أما لو فتح باب الدار وقال: ليدخل من شاء، أو أرسل شخصاً فقال له: ادعُ من شئت، فلا يُوجب هذا على الشخص المدعو أن يجيب، لأن الداعي لم يعينه بنفسه، أو بعينه، أو يرسل له مرسولاً هو بالذات حتى يأتي، وإنما قال للرسول: ادعُ من شئت، أو قال لشخص: أنت ادعُ من جهتك، والآخر: أنت ادعُ من جهتك، فهنا لا يجب على المدعو الإتيان، أي: لو لم يجئ لا يكون آثماً ولا عاصياً.

لكن لو وجهت الدعوة لشخصٍ بعينه، أو أرسل رسولاً له بعينه، أن يأتي أو بطاقة بالبريد أو بأي طريقة ولم يكن عند الآخر عذرٌ، فإنه يجب عليه الإجابة.

أما لو قال: يا أيها الناس تعالوا، أو فتح الباب، فلا يجب على كل مار أمام الباب أن يدخل، والسبب واضح، لأنه إذا دعا شخصاً بعينه والشخص لم يجئ، أدى ذلك إلى وقوع الوحشة والنفرة، لكن لو قال: من شاء أيها الناس أن يأتي بدون أن يُعين شخصاً أو أشخاصاً بأعيانهم، فعند ذلك لو لم يجيئوا فلن تحدث هذه النفرة والوحشة.

وكذلك لو تعنى فأرسل رسولاً أو سائقه أو خادمه إلى شخصٍ بعينه، فلا شك أنه يجد في نفسه عليه، ويكون في خاطره شيءٌ عليه، ولذلك فإن الدعوة للمعين تجب الإجابة فيها ولغير المعين لا تجب الإجابة فيها.

وكذلك إذا كانت صيغة الدعوة ليس فيها إلزامٌ بالحضور، كأن قال: إن شئت فاحضر، لم يلزمه ذلك، بل قال الشافعي: إن قال له: (إن شئت فاحضر) فلا أحب أن يجيب، كأنه يقول: لست بعازمٍ عليك ولا بملح، ولست بمشترطٍ حضورك، إذا صار من عندك الدافع أن تأتي فافعل، أما أنا فليس عندي دافع، إن شئت أن تحضر فاحضر، فلا يجب الحضور إذا كان القائل يقصد معناها.