للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[اتباع الهوى بما يعرف بالوسطية]

ومن البدع الجديدة التي ينادي بها تيار ما يعرف بالوسطية -الآن- أنه ليس هناك شيء اسمه مسلمات، فكل شيء يمكن النقاش فيه، حتى لو كان في الرفض، وهذا ما ينادي به اليوم تيار الوسطية المزعوم، فكل شيء عندهم قابل للنقاش، والميدان مفتوح، فارفع لواء الكفر والزندقة ونتناقش، ويسمحون بهذا، اطرح ما عندك، صدري يتسع للرأي والرأي الآخر، نحن نتقبل أن يقول من شاء ما شاء، وذاك الزنديق يقول على الملأ والمجال مفتوح، وقد يكون أفصح وأبلغ من الذي يرد عليه، وهذا هو التيار الوسطي.

ولذلك ما تراه اليوم من الحوارات في القنوات كله مبني على هذا، قنوات الفضائية الآن هي التي تعرض هذا الفكر، الرأي والرأي الآخر، حوار مفتوح يناقش، هذا زنديق مرتد يعرض شبهاته على العامة باسم الرأي والرأي الآخر، باسم حرية الرأي، باسم كل شيء قابل للنقاش، فماذا يبقى لنا من مقدسات؟ وأي أحكام ثابتة بقيت في الدين؛ فكل شيء معرض للنقاش، فيقولون: تحريم الخمر قابل للنقاش، تعدد الزوجات قابل للنقاش، الربا قابل للنقاش، نتناقش يمكن نتوصل إلى نتيجة، هذا كله على العامة: النساء والصغار، والكبار، والمثقفين وغير المثقفين، والذين عندهم علم والجهلة يشاهدون، فهذا باب الفتنة الكبرى التي فتح بالقناة الفضائية في هذا العصر، هذا الهوى واتباع الهوى.

ولماذا كان السلف ينهون عن مجالسة أهل البدع، ولا يقبلون بذلك.

جاء رجل يقول لـ أيوب: كلمة! قال: ولا نصف كلمة، لا تعطى الفرصة للمبتدع وإذا نوقش يناقش في مجلس خاص، وقد يقول: أنتم لا تثقون بأنفسكم، نقول: بلى نثق بالله تعالى، لكن لا نرى من الحكمة أن يسمع الجهلة والعوام شبهاتك يا أيها الزنديق، نحن نخاف على دين العامة ما نخاف على أنفسنا نحن، نحن أعلم منك وأقدر منك على الجواب، لكن ليس من الحكمة أن نعرض دين العامة للفتنة؛ ولذلك هذا الطرح الذي يحدث الآن مخطط له، يؤدي بالنهاية إلى تشكيك العوام بأحكام الإسلام.

والاستفتاء حول تعدد الزوجات، كم الذين قالوا نعم، وكم الذين قالوا: لا.

اطرح أي شيء في الاستفتاء، نعم، لا، لا أدري، أؤيد، لا أؤيد، متوقف، استفتاء!! قال عبد الله بن مسعود: [من أراد أن يكرم دينه فلا يدخل على السلطان، ولا يخلون بالنسوان، ولا يخاصمن أصحاب الأهواء].

وعن مجاهد قال: [ما أدري أي النعمتين عليَّ أعظم: أن هداني للإسلام أو عافاني من هذه الأهواء].

ودخل رجلان من أصحاب الأهواء على ابن سيرين فقالا: يا أبا بكر نحدثك بحديث؟ قال: لا.

قالا: فنقرأ عليك آية من كتاب الله؟ قال: لا.

لتقوما عني أو لأقومن، فخرجا فقال بعض القوم: يا أبا بكر وما كان عليك أن يقرأا عليك آية من كتاب الله؟ قال: إني خشيت أن يقرأا عليَّ آية من كتاب الله فيحرفانها فيقر ذلك في قلبي.

وعن سلام بن أبي مطيع أن رجلاً من أصحاب الأهواء قال لـ أيوب: يا أبا بكر أسألك عن كلمة، فولى وهو يشير بإصبعه ولا نصف كلمة، وأشار لنا سعيد بخنصره اليمنى.