وكان أبو عبيد متحرقاً لنصرة الحق:- ولما حدثت محنة الإمام أحمد رحمه الله؛ يقول عبد الغني المقدسي عن أبي شعيب الحراني: لما أُخذ أحمد بن حنبل فضُرب، جعل أبو عبيد القاسم بن سلَّام يذهب ويجيء، ويقول: أيُضرب سيدُنا؟! لا أصبر، أيُضرب سيدُنا؟! فهو من التحرق لما حصل للإمام أحمد -رحمه الله- ما استطاع أن يجلس في مكان واحد، بل يذهب ويجيء، ويقوم ويقعد، لا يستطيع أن يمسك نفسه، ويقول: أيُضرب سيدُنا، أيُضرب سيدُنا؟ لا أصبر.
وأما بالنسبة لحِلْيته وسمته:- فقد جاء في وصفه كما ذكر الذهبي -رحمه الله- في سير أعلام النبلاء: أنه كان يخضب بالحناء، وكان أحمر الرأس واللحية، ذا وقارٍ وهيبة.
وقال ثعلب وهو يصف أبا عبيد: كان عاقلاً، لو حضره الناس يتعلمون من سمته وهديه لانتفعوا، وكان عددٌ من أهل العلم يُرحل إليهم لا لأجل العلم؛ لكن ليتعلم من أدبهم وسمتهم وهديهم.
وكان أصحاب عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- يرحلون إليه فينظرون إلى سمته وهديه ودَلِّه فيتشبهون به.
والنظر إلى بعض العلماء يجلو صدأ القلب، كما قال مالك رحمه الله:"كنت كلما أجد في قلبي قسوةً آتي محمد بن المنكدر، فأنظر إليه نظرة، فأتعظ في نفسي أياماً" نظرة واحدة إلى محمد بن المنكدر موعظة تكفي الشخص مدة أيام، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:(أولياء الله الذين إذا رُؤوا ذُكِرَ الله عز وجل).
فهناك أناس من كثرة العبادة والتقوى يظهر على وجوههم ما يجعل النظر إليهم يجلب الخشوع، ويزيد الإيمان، من صلاحهم وتقواهم وعبادتهم.