ثم قال له: -فإذا حصل الإخلال ماذا يفعل العبد؟ فجاء الجواب-:) وأتبع السيئة الحسنة تمحها).
فإن المريض متى ما تناول شيئاً مضراً، فإن الطبيب يأمره بإصلاح هذا الضرر الحاصل من تناول الشيء المضر، والذنب للعبد كتناول الشيء المضر، فالكيّس الذي يتعاطى ما يصلح الضرر الذي تناوله، وكذلك لما قال له:(أتبع السيئة الحسنة تمحها) مثل الطبيب إذا جاءه واحد تناول شيئاً مضراً، فإنه ينصحه بأن يتناول شيئاً يصلح الضرر.
والعبد إذا أذنب؛ فعليه أن يأتي من الحسنات ما يكفر الذنب ويزيل الضرر، وتنبه للحكمة البالغة في أنه صلى الله عليه وسلم بدأ بذكر السيئة قبل الحسنة، قال:(وأتبع السيئة الحسنة تمحها) فبدأ بالسيئة؛ لأن المقصود هنا إزالة أثر السيئة لا مجرد فعل الحسنة، ولذلك بدأ بذكر السيئة، فصار قوله كما في بول الأعرابي:(صبوا عليه ذنوباً من ماء) هذه مثل أتبع السيئة بالحسنة فيذهب الماء دنس النجاسة وأثرها.
وقد نبه شيخ الإسلام رحمه الله إلى مسألة وقال: ينبغي أن تكون الحسنات المعمولة -إذا عملت ذنباً- من جنس السيئة فإنه أبلغ في محو الذنوب.
فإذا سافر شخص إلى بلد فسق وفجور وعمل معصية، فالحسنة المشابهة أن يذهب في عمرة، أو في سفر حج، أو في سفر جهاد، أو في سفر طلب علم، أو في سفر طاعة مثلاً.
(من قال لصاحبه: تعال أقامرك؛ فليتصدق) أي: إذا عمل معصية تتعلق بالأموال، فالحسنة المشابهة التصدق، إذا قطع رحماً يصله، فالحسنة المكفرة من جنس السيئة ومن نفس الباب تكون أبلغ في التكفير والتطهير، وأبلغ في محو الذنوب.