الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً وبعد: فهذه فرصة طيبة أن نلتقي من رواء حجاب لنتذاكر سوياً في مسألة من المسائل المهمة التي تحتاج إليها المرأة المسلمة، وسيكون حديثنا - إن شاء الله - عن المرأة المسلمة على عتبة الزواج، وهذا موضوع عبارة عن جزء من موضوعٍ أطول منه وهو الكلام عن العلاقات الزوجية في الإسلام، وعن أسباب السعادة الزوجية، ولكن سنخصص هذه الليلة بالحديث عما قبل الزواج.
لقد جعل الله عز وجل الزواج نعمة من النعم التي أنعم بها علينا، فكان من آياته سبحانه وتعالى أن جعل لنا من أنفسنا أزواجاً لنسكن إليها، وجعل بين الزوج وزوجته مودة ورحمة سبحانه وتعالى، حتى تتكون الأسرة المسلمة التي يتألف منها المجتمع المسلم، ولقد كان الإسلام ديناً عظيماً عندما شرع الله فيه من الأسباب التي تكفل الاستقامة والإنتاج في الأسرة المسلمة، وحمى الله هذا المجتمع الذي يقوم على الكتاب والسنة من الرذيلة والفواحش بأنواعها، وأوجد العلاج للمشاكل أو المشكلات التي تحدث، وقبل ذلك شرع من أسباب سد الذرائع ما يمنع وقوع هذه المشكلات أصلاً، والمرأة المسلمة تحتاج إلى الزواج لعفاف نفسها، والقيام بدورها في إنجاب الأولاد وتربيتهم، والقيام بشأن الزوج والبيت، والتقرب إلى الله عز وجل بهذه الأمور جميعاً، يقول الله سبحانه وتعالى:{وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ}[النور:٣١] وهذا الأمر منه عز وجل مفيدٌ جداً في حماية المرأة المسلمة من أنواع الانحراف.
ولذلك نجد أن من أسباب المشكلات الحادثة في الحياة الزوجية مشكلة معينة؛ وهي قضية عدم قناعة كلٌ من الزوجين بالآخر، نجد أن من أسباب هذه المشكلة عدم غض البصر، فإذا داومت المرأة على النظر إلى الرجال الأجانب حتى انطبعت في مخيلتها صورٌ كثيرة للرجال، فأنَّى لها أن تقنع بمن يتقدم إليها أو بزوجها إذا كانت متزوجة؟! وقل العكس بالنسبة للرجل أيضاً، عندما يفتح الرجل بصره على أشكال متنوعة من النساء، في مسلسلات وعلى صفحات المجلات، وفي الشارع وفي الطريق والأماكن العامة فإنه لا بد أن يحصل عنده نوعٌ من عدم القناعة بزوجته في الغالب، أو إذا أراد أن يتقدم لخطبة امرأة فإنه لا يزال يقارن بين الصور التي نظر إليها وبين الصورة التي يراها أمامه، وفي الغالب فإن الصور التي رآها ستتميز بوجه من الوجوه عن الصورة التي ينظر إليها بعد زواجه أو أثناء خطبته، ولذلك كان من حكمة الله ومن رحمته أن جعل غض البصر أمراً واجباً حتى تسد جميع منافذ الشيطان.
ومن صفات المرأة المسلمة المتعلقة بمرحلة ما قبل الزواج: الحياء، وهو لازم ومطلوب للمرأة في جميع أوقات حياتها، ولكنه مهمٌ جداً خصوصاً للفتاة في سن الشباب، فإن الإسلام يكره المرأة الخراجة الولاجة المزاحة المتبذلة التي لا تقر في بيتها، كما قال الله عز وجل:{وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى}[الأحزاب:٣٣] ولذلك عندما وُصِف صلى الله عليه وسلم في حيائه بأنه أشد حياءً من العذراء في خدرها، وهذا دالٌ على شدة حيائه صلى الله عليه وسلم؛ لأن المرأة في تلك الحالة تكون في أشد درجات الحياء، وبعض الفتيات قد تحاول إظهار نفسها أمام بنات جنسها بشخصية غير شخصيتها الحقيقية بنوع من التبذل لتشتهر بينهن، ولكن هذا الظهور بهذا المظهر المتكلف يساعد أو يسبب زوال أو تخفيف الحياء في نفسها، ولا بد أن تحافظ المرأة المسلمة على غض بصرها وعلى حيائها، حتى تهدى إلى الزوج المسلم وهي في كامل درجات الصيانة والعفاف، ولا يكون عندها دافعٌ أصلاً لمد عينيها إلى أمور أخرى.
كثيرٌ من الفتيات يتقن للزواج ولكن الذي يحصل عند البعض إضاعة الأوقات بالأماني، وإشغال الذهن بفارس الأحلام، فيضيع وقت ثمين من غير طائل، والإنسان مسئول عن تفكيره مسئول عن الأمور التي يشغل بها ذهنه، ولذلك يكون إشغال المرأة نفسها بدعاء الله أن يرزقها زوجاً صالحاً هذه عبادة، بدلاً من أن تضيع الوقت وتسرح في الأفكار وهي تفكر في طبيعة القادم الجديد، وهذا أمر نجده في الواقع موجوداً يسبب تشتت الفكر، وانشغال المرأة بالخيال عن الواقع الذي تعيش فيه، وتنشغل بالخيالات عن التفكيرات الجادة التي من المفروض أن تكون منشغلة بها، ومن التبذل الذي ذكرته أن تكون الفتاة في نوع من الصيانة، فمثلاً: لا تعرض نفسها على الرجال، ونجد في سيرة الصالحات أن هناك وسائط تتم بين المرأة والرجل المتقدم، ومسألة تخطي الأبوين من المسائل التي لا تحمد عقباها في العادة، والزوج في العادة هو الذي يبحث عن زوجة.
وأما الزوجة فلا مانع من أن يبحث وليها عن زوج صالح لابنته أو لأخته، وهذا واقع في سير الصحابة رضوان الله عليهم، وأن يعرض الرجل ابنته أو أخته على الرجل الصالح هذا كان من سنن السلف، لكن لا أن تعرض المرأة نفسها.
ولا داعي للاستدلال بالواهبة نفسها للرسول صلى الله عليه وسلم في هذا الأمر، ورسول الله صلى الله عليه وسلم له خصوصيات.