وقد يكون الموقف -أحياناً- في تقرير السلف موقفاً تربوياً يظهر عقيدة السلف ويرد على البدعة فهذا الشيخ الصالح أبو جعفر الهمداني -رحمه الله- لما صعد أبو المعالي الجويني على المنبر يقول: كان الله ولا عرش.
وهو يريد أن ينكر العلو، وينكر استواء الله على عرشه، فقال: يا أستاذ! دعنا من ذكر العرش، هذا شيء قد ثبت بالسمع وهو أمر منتهٍ، أخبرنا عن هذه الضرورة التي نجدها في قلوبنا، فإنه ما قال عارف قط: يا ألله إلا وجد من قلبه ضرورة تطلب العلو، وما رفع داعٍ قط يديه يقول: يا ألله، إلا ونفسه وفطرته تطلب العلو، فكيف ندفع هذه الضرورة عن قلوبنا؟ قال: فلطم أبو المعالي على رأسه، وقال: حيرني الهمداني حيرني الهمداني، ونزل.
هذا موقف واحد نصر الله به الحق موقف واحد قد يدخل به الإنسان الجنة موقف واحد يسكت به بدعة، أو ينصر به السنة خطبة واحدة أو درس واحد أو عبارة واحدة ينصر الله بها الحق، وتكتب عند الله حسنة عظيمة ترجح في الميزان، وربما لا ينقل عن بعض الأشخاص إلا موقف واحد فقط، ما عرفناه إلا من خلال هذا الموقف، لكن هذا الموقف لما كان عظيماً عند الله نُشر ونُقل وكتب الله له الخلود.