للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[بركة مكة والمدينة والشام]

ومن البقاع المباركة العظيمة مكة: التي دعا الخليل ربه أن يجعل فيها البركة، فجعل فيها البركة، وفيها بيت الله المبارك، بيت الله العتيق.

وكذلك المدينة مدينة النبي صلى الله عليه وسلم، التي قال فيها عليه الصلاة والسلام: (إني أُحَرِّم ما بين لابَتَي المدينة أن يُقْطَع عضاها، أو يُقْتَل صيدها) وقال: (المدينة خير لهم لو كانوا يعلمون، لا يدعها أحد رغبةً عنها إلا أبدل الله فيها من هو خير منه، ولا يثبت أحد على لأوائها وجهدها إلا كنتُ له شفيعاً أو شهيداً يوم القيامة) رواه مسلم رحمه الله.

وقال: (على أنقاب المدينة ملائكة، لا يدخلها الطاعون ولا الدجال) وقال: (ومن أراد أهل المدينة بسوء أذابه الله كما يذوب الملح في الماء).

وكذلك من البقاع المباركة الشام التي قال الله تعالى فيها: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ} [الإسراء:١] وما حوله هو الشام، التي قال النبي صلى الله عليه وسلم فيها: (طوبى للشام! فقلنا: لأي شيء ذاك؟ فقال: لأن ملائكة الرحمن باسطة أجنحتها عليه) حديث صحيح، رواه الإمام أحمد رحمه الله تعالى.

فمن سكن في مكة أو المدينة أو الشام ملتمساً لبركات الله عز وجل في تلك البقاع سواءً من زيادة أرزاقها أو دفع الفتن عنها، فقد وُفِّق إلى خير كثير.

أما لو تعدى وغلا وطلب التبرك بالتمسح بترابها وأحجارها وأشجارها، أو اعتقد أن غبارها شفاء أو يضع تربتها في الماء للاستسقاء، فإنه مأزور غير مأجور.

ومن المشاعر المباركة: عرفة ومزدلفة ومنى؛ لكثرة الخير الذي ينزل على الناس فيها في موسم العبادة، ولذلك كان إتيانها في غير موسم العبادة رجاء البركة بدعةً من البدع، فمن وقف في عرفة يرجو بركةً في غير يوم عرفة، فإنه مبتدع وصاحب غُلُو.