رجل العقيدة يثبت نفسه، ويثبت غيره حتى اللحظات الأخيرة من حياته، لما حُمل الإمام أحمد ومحمد بن نوح رحمهما الله، قال الإمام أحمد بعد ذلك يحدث عن الموقف: ما رأيت أحداً على حداثة سنه وقدر علمه أقوم بأمر الله من محمد بن نوح، وإني لأرجو أنه قد خُتم له بخير، قال لي ذات يوم: يا أبا عبد الله! الله الله إنك لست مثلي، أنت رجل يُقتدى بك، قد مد الخلق أعناقهم إليك لما يكون منك، فاتق الله واثبت لأمر الله، فمات وفُك قيده وغسله الإمام أحمد، وصلى عليه ودفنه يرحمه الله.
إذاً: هذا دور طالب العلم مع العالم، محمد بن نوح ماذا كان بالنسبة للإمام أحمد؟ علمه قليل، وسنه صغير، أين دور طلبة اليوم مع العلماء في تثبيتهم وتوعيتهم، وإمدادهم بالمعلومات عن الواقع، إن طلبة العلم قد يكونون في تقصير عظيم تجاه العلماء.
فالله الله يا طلبة العلم بالقيام بأدواركم مع علمائكم، وانظروا إلى دور الرجل الذي يثبت الآخرين في كلام ابن القيم رحمه الله عن شيخه: وكنا إذا اشتد بنا الخوف، وساءت بنا الظنون، وضاقت بنا الأرض، أتيناه فما هو إلا أن نراه ونسمع كلامه، فيذهب ذلك كله عنا، وينقلب انشراحاً وقوةً ويقيناً وطمأنينة، فسبحان الله من أشهد عباده جنته قبل لقائه، وفتح لهم أبوابها في دار العمل فأتاهم من روحها ونسيمها وطيبها ما استفرغ قواهم لطلبها.
إذا ضاق الأمر بتلاميذ شيخ الإسلام ابن تيمية وكاد لهم أهل البدعة ضاقت عليهم الأمور، فكانوا يأتون شيخهم، ما أن يسمعوا كلامه حتى يزول الهم والغم وينقلب انشراحاً وطمأنينة.